حوار: مها العبدالهادي

أكد القيادي في وحدات المقاومة السرية من داخل إيران «أرش» أن الحكومات الأوروبية عقبة دائمة في طريق حرية الشعوب القابعة تحت حكم النظام الإيراني بسياستها الاسترضائية، ودعمها الاقتصادي، مؤكدا أن هذه الحكومات وقفت في طريق الانتفاضات وأمدوا في حياة النظام لوقت أطول، واعتبر ذلك خيانة من قبل الدول الأوروبية والأجنبية ضد الشعب الإيراني المضطهد.

وقال «أرش» في حواره مع «اليوم»، من داخل إيران: إن النظام الحاكم في طهران رجعي وديكتاتوري ومتعطش للدماء، وإن رده الوحيد على كل مطلب مشروع للشعب، هو التعذيب والإعدام، لافتا إلى أن النظام لا يخضع لأي قانون سياسي دولي أو حتى إنساني عندما يتعلق الأمر بالتعذيب والاحتجاجات.

وأشار إلى أن سياسة الملالي في حكم الشعب يخضع لمقولة (أبقوا الناس في فقرهم واحكموهم)، مشيرا إلى أن هناك ثروات هائلة في إيران، نهبها الشاه والملالي منذ سنوات، وأكد أن الجيل الشاب الواعي هو حامل راية التغيير والثورة.. وفيما يلي نص الحوار:

• الشعب الإيراني خرج يهتف «الموت للديكتاتور» ويطالبون برحيل خامنئي والزمرة الحاكمة معه، هل من الممكن أن تتحول هذه الاحتجاجات إلى مظاهرات في كل إيران لإسقاط النظام؟

- السلطة الحاكمة في إيران رجعية وديكتاتورية متعطشة للدماء، لذا فإن مثل هذه الحكومة لا تمنح أي حقوق لمطالب الشعب، ورد هذه السلطة على كل المطالب المشروعة للشعب منذ عام 1979 هو التعذيب والإعدام.

وانطلاقا من هذا تتعالى هتافات الإيرانيين في الشوارع «الموت للديكتاتور»، والمقصود بذلك رأس السلطة على خامنئي.

وهذه الأصوات التي تصرخ بـ(الموت للديكتاتور) والتي تتردد في كل الساحات والمدن، هي بلا شك البداية الحتمية للإطاحة بالنظام، وإذا نظرنا إلى انتفاضات الشعب الإيراني في السنوات الأخيرة، نرى كيف امتدت شرارات الانتفاضة، التي انطلقت من مدينة واحدة في جنوب البلاد، لتنتقل ألسنة اللهب إلى مئات المدن، والتي لم تقتصر على صف معين وشريحة اجتماعية معينة، بل شارك فيها كل طبقات الشعب.

وهذا يعني أن هذه الانتفاضات اندلعت من مدينة إلى مدن أخرى وانتشرت على نطاق واسع.

لقد رأينا هذا المثال جيدا في انتفاضة نوفمبر 2019 ويناير 2020 وانتفاضة عام 2018 وحتى الانتفاضة على الغلاء وانتفاضة برج متروبول في عبادان هذا العام.

• النظام يواجه المتظاهرين بعمليات القمع والاعتقال ويصعد بالمواجهة مع اتساع الاحتجاجات كيف ستواجهون ذلك من أجل الاستمرار؟

- بما أن وحدات المقاومة منتشرة بين أوساط الشعب ونحن من بين الشعب، يمكننا أن نفعل ذلك من خلال الإقدامات والأعمال الدعائية، ونستطيع تحييد وفضح أعمال النظام هذه بشكل صريح بين الناس، ونستطيع أيضا تبديل هذه الانتفاضات والاحتجاجات من احتجاج نقابي إلى احتجاج سياسي وإفشال مؤامرات النظام.

من ناحية أخرى، من المؤكد ومن المسلمات أن هذا النظام لا يخضع لأي قانون سياسي دولي أو حتى إنساني عن ما يتعلق الأمر بالتعذيب والإعدام والسجن، ولا يمكن تصور نهاية لسياسته الوحشية وفساده.

وعندما نخطو في النضال، يتضح لنا أن ثمن التغيير والإطاحة هو التضحية بكل شيء، حتى بحياتنا.

وهنا يمكن رؤية دور المقاومة ووحداتها بشكل بارز، مما يبقي لهيب الانتفاضة مشتعلا.

من الكشف عن البرنامج النووي للحكومة الإيرانية الحاكمة الذي كشفته المقاومة قبل سنوات، إلى الكشف عن المعلومات القضائية للجلادين الذين يحكمون إيران، والاستيلاء على كاميرات قبر الخميني، وكذلك تعطيل 2180 خادما محليا وتخريبها، حتى حرق صور الشخصيات البلطجية في النظام من قبل وحدات المقاومة، وهي أعمال جسورة تتم أمام آلاف الكاميرات المنتشرة في الشوارع.

وعلى طول هذا المسار، فإن الوجود الواسع لجميع شرائح المجتمع في الشوارع، في الاحتجاجات والانتفاضات في السنوات الأخيرة، وانتفاضة عام 2017، وانتفاضة عام 2019، وانتفاضة خوزستان، واحتجاجات المعلمين في جميع المدن التي تتواصل حتى يومنا هذا، يظهر أن القمع والتعذيب كانا السلاح الأول والوحيد في يد النظام، وهو سلاح لا يمكن أن يمنع الانتفاضات والاحتجاجات.

• برأيكم هل تتوقعون أن تتفكك أجهزة النظام الأمنية والعسكرية مع انهيار الاقتصاد والعملة؟

- تمتلك إيران ثروة هائلة نهبها الشاه والملالي منذ سنوات، والشعب الإيراني محروم دائما من الازدهار والرفاه الاقتصادي، والغالبية، باستثناء قلة، معظمهم من أبناء الذوات، عاشوا تحت خط الفقر.

أسس هذا النظام الرجعي تقوم على الأكاذيب والنفاق، وكان الحديث عن الدين دائما ذريعة لتنفيذ الجرائم بحق الشعب ونهبهم، ومع ذلك، لا يمكن تصور أن يكون لأتباع النظام والقوات التابعة له أي غرض أو هدف آخر سوى ملء جيوبهم، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الحياة المترفة لجميع المسؤولين وأبنائهم، الذين بنوا قصورا من أموال الشعب الإيراني.

لذلك لا شك في أن الانهيار الحتمي هو مصير أي حكومة لا أصل أو أساس لها سوى الفساد في نظامها الداخلي.

• النظام يعتمد على الريف الفقير والمهمش في تجنيد الشباب للحرس والباسيج والقوى الأمنية إلى متى برأيك سيستمر ذلك؟

- الحقيقة أنه بعد أربعين عاما، حتى الفقراء والشباب المهمش وسكان العشوائيات ليسوا في مأمن من ظلم هذا النظام، فقد أظهرت انتفاضة عام 2019 أن جميع الشرائح الدنيا من المدينة قد ثارت ضد هؤلاء المجرمين، في الوقت الحالي، بقي جزء صغير جدا من أعضاء النظام والباسيج الذين هم جزء من جسد هذا النظام.

يمكن ملاحظة ذلك في الطبيعة الوطنية لهذه الانتفاضات، كيف شهد هؤلاء الشباب من الطبقات الدنيا من المجتمع القمع الأكبر.

واستمر نظام الخميني في نفس سياسة إفقار الشعب (أبقوا الناس في فقر واحكموهم)، وتقدم بكل قسوة، وبوحشية استهدف كل الضعف الاقتصادي للناس والأسر.

وبالفعل، حافظ نظام الخميني على ديمومته ظاهريا بلا خجل، من خلال بيع وشراء جسد الناس وروحهم.

هذه السياسة ليست مخفية عن أحد اليوم، ويد هذه الحكومة التي تنتهجها خلف كواليس الدين انكشفت للجميع الآن.

مثل هذه الحكومة تختار أو تدرب جميع مكونات نظامها الخاص من نفس طينتها، مما ينتج عنه قطيع من الضباع، كل واحد منهم يسعى لتحقيق مصالحه الخاصة، مما أدى إلى الفساد والانهيار، لذا، أرى تصدع النظام وفصائله واضحا تماما.

والنقطة الثانية التي عليَّ طرحها هي نقيض هذه السياسة، أي مقاومة الشعب الإيراني ومجاهدي خلق الذين لم يستسلموا أبدا أمام السياسات والوعود الكاذبة للخميني وعصابته، وظلوا ثابتين على موافقهم الراسخة أمام حبل الإعدام.

هؤلاء المجاهدون، وهؤلاء الرجال والنساء الشجعان، كانوا أفضل أبناء إيران، الذين استنكروا أفعال الخميني المشينة، وقُدم على مذبح الحرية مائة وعشرون ألف شهيد، وثلاثون ألف شهيد أعدموا عام 1988، وآلاف الأسرى الذين عذبوا بأبشع أنواع التعذيب.

إن هذه المقاومة العظيمة تتبلور الآن في وحدات المقاومة التي تتألق أكثر فأكثر، وتنير وعد الحرية في قلوب شعبها وتثبت حتمية الإطاحة بالنظام.

وهذا يدل على تضامن المقاومة والشعب، ووحدة الشعب وانسجامه في كل الاحتجاجات التي شهدناها جميعا، وكما رأينا لو انتفضت خوزستان لما هدأ المعلمون، وكان العمال يصرخون في انسجام تام، والجميع رددوا شعار الموت للديكتاتور.



• ألم يحن الوقت بعد كل هذا الانهيار إلى أن يتحرك الشعب الإيراني في كل مدنه وأريافه لإسقاط النظام، ألا يوجد رجال دين متنورون يمكن أن يمهدوا لانشقاقات داخل هذه المؤسسة؟

- نحن نواجه حكومة دكتاتورية دموية، والأيادي خلف الكواليس الذين كانوا دائما يسترضون النظام. وتعمل هذه الأيادي الخفية بقوة لصالح النظام، وكذلك رأس المال الهائل الذي في يد النظام، ولكن مع ذلك، فقد شهدنا احتجاجات واسعة النطاق، في جميع أنحاء البلاد، في السنوات الأخيرة، ورأينا الناس يخرجون إلى الشوارع، لكن الانتفاضة ما زالت مستمرة، ولهب الانتفاضة لا يزال متقدا.

من الواضح تماما أن إسقاط مثل هذه الحكومة يتطلب شروطا والتزامات خاصة، ونعتقد أن مسار نضالنا سيؤدي إلى تحرير الشعب.

أما بالنسبة للجزء الثاني من سؤالكم، فيجب أن أقول إن الشعب الإيراني لا يبحث عن أمل في الجسم الفاسد والعفن لهذا النظام، ولا يبحث أيضا عن شخصية ببدلة علمانية تريد أن تمسك بيدهم وتحاول إصلاح الجسد المعتدي والناهب للنظام.

ومن الواضح أن الأفعى لا تلد الحمامة. هذا النظام غير قابل للإصلاح.

ولطالما حظي الشعب الإيراني بدعم كبير من المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق، وقبل قيادة المقاومة له.

ووجود الآلاف من وحدات المقاومة، وآلاف الأسرى من أعضاء مجاهدي خلق، أكبر دليل على ذلك.

• انكشفت كل أكاذيب السلطة فكيف يمكن أن ينهار النظام برأيك؟

- سيسقط هذا النظام بالتأكيد على يد الشعب الإيراني وبقيادة المقاومة الإيرانية ووحدات المقاومة الجسورة، والآن انكشفت كل صور النفاق والرياء لهذا النظام وتم فضحها من قبل الشعب الإيراني، وهذا ما يؤكده رئيس مجلس شورى النظام قاليباف الذي قال نفسه إن 96 % من الشعب ضد هذا النظام ويريدون إسقاطه.

فكل شيء واضح للشعب، هذه الانتفاضات المستمرة والاحتجاجات المدنية والاقتصادية، التي تتحول شعاراتها بسرعة إلى الموت لخامنئي ولرئيسي، هي التي تظهر نفس هذه الحقيقة.

لكن ما تبقى هو أداة القمع والسجن والإعدام والتعذيب التي يسعى النظام بها لإطالة عمره.

وحتى كسر جدار القهر الذي هو عقبة الإطاحة، فإن الوقت يمضي بسرعة خلافا لما تشتهي سفن النظام، وهذا لأن وحدات المقاومة هي المسؤولة عن قيادة هذا النهج، وستصل به مع استمرار الانتفاضات إلى تلك النقطة.

• ما الدور الذي تلعبه وحدات المقاومة في تحريك الشارع الإيراني وكيف تجاوب الشباب؟

- كما قلت، وحدات المقاومة هي قلب هذه المقاومة الشعبية العظيمة، والتي كانت في الواقع طليعة الانتفاضات وحاملي المشاعل، وهم يوجهون الاحتجاجات بقصد الإطاحة بالنظام، وفضح الأكاذيب والافتراءات التي يروج النظام لها بهدف تدمير وحرف الانتفاضات عن هدفها الأساسي.

تلعب وحدات المقاومة دور إشعال وقيادة الانتفاضات وتوجيهها، وتساعد على التخلص من هيمنة النظام وكسر موجة القمع وجدار الخوف، وبعد كل انتفاضة، تساعد في استمرار الانتفاضات وهي مسؤولة عن قيادة وتوجيه الانتفاضات باعتبارها طليعة الانتفاضات وقائدتها حتى الإطاحة بالنظام.

• هل تتوقعون أن تتحرك الجامعات وتشارك في المظاهرات؟ وهل من الممكن أن تتوسع هذه الاحتجاجات لتكون انتفاضة عارمة؟

- الجيل الشاب الواعي هو حامل راية التغيير والثورة، وجوهر التحرك نحو المثل العليا والحرية، وهذا لا يمكن عزله وتقسيمه، جيل يتحرك ويخطو خطى ثابتة على طريق النضال من أجل مثله العليا.

وفي انتفاضات الشعب الإيراني، ومن بين الشهداء والمسجونين، ترى عاملا بسيطا ضحى بكل شيء من أجل تحرير الشعب لا نقصر انتصارنا على اسم واحد فقط وهو الجامعة، لأننا نؤمن بالوحدة بين جميع فئات الشعب.

• كيف تنظرون إلى دور الغرب في حماية النظام إذًا رغم الانتفاضات المتعددة لم ترفع هذه الدول الغطاء عن النظام بل يتعاملون معه؟

- الحقيقة هي أن الحكومات الأوروبية كانت دائما عقبة في طريق الانتفاضات والإطاحة بهذا النظام بسياستها الاسترضائية، وبدعمها الاقتصادي، أمدوا في حياة هذا النظام لمدة أطول.

لكن مقاومة الشعب الإيراني تقول دائما «إننا لا نريد أي مساعدة من دول أوروبية وأجنبية، فقط ارفعوا أيديكم عن النظام ويمكننا الإطاحة به بأنفسنا».

هذه الخيانة من قبل الدول الأوروبية والأجنبية كانت ضد الشعب الإيراني المضطهد.

إن شعبنا بمقاومته المشروعة سيكون خصما للنظام إذا ما تم رفع سياسة الاسترضاء والتخلي عنها.

لطالما غضت الدول الغربية الطرف عن جرائم هذا النظام بسياستها الاسترضائية وتجاهلت حقوق الإنسان المغتصبة في إيران.

وكما قال الشعب الإيراني في انتفاضة 2009 «أوباما أنت معنا أم معهم؟!».