نظام يقضي بالسجن ثلاث سنوات والغرامة 100 ألف ريال في حال الإساءة
المحاورة الشعرية واحدة من الفنون الأدبية، ذات الرواج في معظم مناطق المملكة، ولها عدة مسميات مختلفة منها، (المحاورة، الردِّية، القلطة)، ويعتمد هذا الفن على سرعة البديهة كونه شعرا مرتجلا يدور بين شاعر وآخر مباشرة في وقت واحد، وهو أيضا شعر غنائي يؤدى على لحن معين يطلق عليه «الطرق».
في الآونة الأخيرة، تزايدت جماهيرية هذا النوع من الشعر، ومن ثم تزايد عدد شعرائه، وبدأت المحاورة في اتخاذ منحنى خطير، تمثل في التطرق لألفاظ تبدو أكثر مباشرة وجرأة مما قد يثير الكثير من المشكلات والخلافات بين أطراف المناسبة. وقد تداولت مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة، واقعة إلقاء أحد الشعراء بيت شعر حمل إساءة أخلاقية بصورة مباشرة، أدت لقيام الطرف الآخر بالرد بصورة مماثلة، مما تسبب في إيقاف المحاورة وبدأ الشجار بين الحضور الذين كانوا يمثلون أبناء عمومة، مما سبب فوضى عارمة، واستمرت مساجلاتهم عبر مواقع التواصل لعدة أيام.
«اليوم».. فتحت هذا الملف لمناقشة أثره على كل مَن له علاقة بهذا الفن، الذي يلقى رواجاً كبيراً وجماهيرية متزايدة.
السجن ثلاث سنوات وغرامة 100 ألف ريال
رأى المحامي أحمد العشوان، أن فن المحاورة، يفترض أن يكون فنا يرتقي بالشعر وصوره، بعيدا عن التمييز وبث الكراهية وازدراء الناس والنيل منهم، مشيراً إلى أن التجاوزات اللفظية التي تحدث في بعض التجمعات والاحتفالات، تهدد السلم الاجتماعي وتعتبر مخالفة بذلك لقواعد الدين الإسلامي التي جعلت التفاضل بالتقوى والعمل الصالح، قاطعة الطريق إلى كل سبيل يدعو إلى الفرقة والعصبية وتمزيق المجتمع بأفكار عنصرية لا تمت للإسلام وسماحته بصلة.
وأوضح أن المشرع فطن إلى هذا الداء والمرض، وأكد في مشروع العقوبات الذي نأمل أن يقر قريبا نبذ كل ما من شأنه النيل من المجتمع أو أفراده بكل تقسيماته من تمييز أو كراهية أو فوقية بأي شكل من الأشكال، وشدد العقوبات على ذلك في مادته العشرين بعد المائتين التي تقضي بالسجن مدة ثلاث سنوات وغرامة مائة ألف ريال في حال ارتكاب أي شكل من أشكال العنصرية التي تخالف هذا النظام.
وقال العشوان إنه بعد إقرار هذا النظام يحق للمدعي العام تجريم وتحريك دعوى عامة في حال المساس بالمجتمع أو أفراده أو مخالفة نظام العقوبات الذي نعول عليه الكثير في حال إقراره لينهي بذلك حقبة التطاول على المجتمع أو أفراده بأي شكل مخالف للنظام، ولا شك أن ذلك يشمل فن المحاورة وغيرها في حال انحرافه إلى العنصرية والتمييز ومهاجمة فئات المجتمع والتقليل منهم.
تجاوزات مرفوضة
ضريبة على شعراء المحاورة
كشفت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، عن أن الأشخاص الذين يمارسون نشاطا اقتصاديا ملزمون بالتسجيل في نظام ضريبة القيمة المضافة إذا بلغت الإيرادات السنوية (الحد الإلزامي وهو 375 ألف ريال)، أما الأشخاص الذين تتخطى إيراداتهم 187.500 ريال سعودي ولا تتجاوز 375 ألف ريال سعودي فمؤهلون للتسجيل الاختياري.
ونوهت الهيئة بأن الأشخاص الذين تقل إيراداتهم السنوية عن 187.500 ريال غير مؤهلين بالتسجيل في ضريبة القيمة المضافة.
أعرب محمد بن علي، أحد جمهور الشعر، عن رفضه للتجاوزات اللفظية التي حدثت مؤخراً في بعض التجمعات جملة وتفصيلاً، مشيراً إلى أن الشعر والشعراء وجماهيرهم لهم الاحترام والتقدير بالارتقاء بهذا الفن الذي استمر طوال السنوات الماضية دون انقطاع، وهذا الاستمرار دليل على نجاحه وقابليته في كل زمان ومكان.
وقال: إن هناك العديد من الفنون التراثية اندثرت وتوارت عن الأنظار، إلا أن فن المحاورة مستمر ومتواصل بتنوع شعرائه وذائقة محبيه، مؤكدا أن التجاوزات تسببت في مشاكل كبيرة بين الجماهير كون كل شاعر لديه جماهير في الغالب من أبناء عمومته بالتالي، حينما يحدث التجاوز لا يشمل الشاعر بعينه وإنما أبناء عمومته، وهذا خلل كبير ومشكلة عظيمة قد تتفاقم إلى حوادث لا يحمد عقباها.
وطالب بأهمية وضع قوانين تُنظم هذا الفن، ويوضع هناك تصنيف لكل شاعر، وقيمته المالية، وسلم يكون واضحا للشاعر ولمتابعيه وأيضا لصاحب الحفل الذي سيختار مَن هو الشاعر الذي يحيي الحفلة، ومراقبة الشعر بصورة دورية لفرض النظام على الجميع.
سرعة بديهة الشاعر سلاحه
أكد عادل الثبيتي أحد جمهور الشعر، أن المحاورات الشعرية تعتبر من الفلكلور الشعبي والجماهيري المهم كونه يعد فنا من الفنون التراثية التي تميز مناطق المملكة، مشيراً إلى أنه يحرص كثيراً على حضور المناسبات التي يتواجد فيها المحاورة الشعرية.
وقال: سرعة بديهة الشاعر تلفت انتباهي، وقوة معانيه أيضاً لها زيادة في جماهيريته وتمكنه من السيطرة على الأمسية التي تمتد لأكثر من ثلاث ساعات، وفي أحيان كثيرة تمتد إلى أربع ساعات من الشعر المتواصل.
وأشار إلى أن جمهور الشعر يتذوق أصحاب الأصوات الجميلة في المواويل التي تسبق أبيات الردية، فهذه المواويل تجذب الجماهير وتسرق عقولهم وقلوبهم، مضيفا: لا تخلو محاورة إلا ويشوبها الهمز واللمز، ولكن بطريقة غير مفهومة أو بالمعنى الأصح غير مفهومة عند أغلب الجمهور، فتكون الأبيات كما يقولون (ملغمة)، بمعنى أن مَن يفهم الشعر وتاريخه وطرقه سيعيش معانيه الدقيقة، وأن ما حدث مؤخراً في بعض المحاورات من تجاوزات لفظية صارخة نحن جمهور الشعر لا نؤيدها ولا نقرها ونرفضها تماماً.
ذكر مبارك الصقيري دكتور جامعي وباحث أكاديمي أن التجاوز اللفظي سواء في المحاورات الشعرية أو غيرها من الظواهر السلبية، التي يجب الحد منها والتوعية بآثارها السلبية على الشخص والأسرة والمجتمع، مضيفا: يعتبر التجاوز اللفظي بشكل عام أو بشكل خاص سواء في المحاورات أو المجالس العامة ظاهرة سلبية، ولها أسبابها النفسية التي تجعل الشخص المتجاوز لفظياً على غيره يعتقد أنه الشخص الأفضل أو غير ذلك من أسباب نفسية تجعله يتجاوز على الآخرين.
ويمكن أن يطلق على التجاوزات المرتكبة من بعض الشعراء، «تنمر لفظي» هو ما يشمل النعوت، والتلقيب، والإهانة، والترهيب، والتجريح، والتهديد، والتعيير، والتعييب، موضحا أن الهدف من تلك المعاني جميعا هو الإساءة إلى الآخرين.
وأوضح الصقيري، أنه في علم النفس يعد المتنمّر ضحية تنمّر، فالبعض من المتنمّرين كانوا ضحية تنمّر، مما جعلهم يشعرون بعدم القيمة والغضب، وبالتالي أصبحوا يرمون هذا التنمّر على غيرهم، مؤكدا أن علاج هذا النوع من التجاوز اللفظي بزيادة الوازع الديني وتقويته وبنشر الوعي المجتمعي بالآثار السلبية لهذه الظاهرة والحد منها في المحاورات الشعرية والمجالس العامة وغيرها.
تنمر لفظي
مسؤولية الشاعر
قال جمال الطويرقي دكتور علم النفس، إن ما نشهده الآن وما يقوم به البعض من الشعراء في مجتمعنا بإثارة النعرات، والقذف من جهات مختلفة واعتقاده بأن التلفظ على الآخر وعلى قبيلته أو أصله أو مذهبه مباح له ولا يحق لأحد غيره وهذا بخلاف تعاليم ديننا الإسلامي، وفي قوله الكريم سبحانه وتعالى في وصف ذلك قال تعالى «يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون»، كل هذا نهى عنه الله سبحانه وتعالى ونبينا الكريم لما له من تبعات.
وقال، إن أجمل ما نعرف ويعرفه الجميع أن الله سبحانه وتعالى وصف الشعراء في سورة (الشعراء) بأنهم يقولون ما لا يفعلون، وبأنهم يتبعهم الغاوون، والشعراء في عهد الجاهلية كان كل شاعر يمثل قبيلة يتفاخرون بالألقاب والشيم والعادات والكرم، وكان في ذلك الوقت يستخدمون الشعراء في تخويف الأعداء أو من دونهم من القبائل الأخرى.
وأضاف الطويرقي، إنه عندما أتى الإسلام جاء بشيء جميل، بألا يستخدم هؤلاء الشعراء في التفرقة بين الأديان وإثارة النعرات والتجريح بالقول، وهذا ما جاء به الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-، الذي وصف بأنه على خلق عظيم، وقد كان في ذلك الزمان ظهر حسان بن ثابت، الذي كان يمدح الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكان يهجو المشركين ويتمنى دخولهم في الإسلام من دون أن يقذفهم أو يهاجمهم، في زمان ما بعد الخلافة أتت الدولة الحمدانية ولا ننسى الشاعر المتنبي في ذلك العهد الذي كان يهاجم ويثير النعرات، حيث امتدح سيف الدين الحمداني ثم هاجمه وامتدح نفسه وقال (أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم) وقد حلل بعد ذلك بأنه مصاب باكتئاب ثنائي القطب.
وشدد دكتور جمال على أن الشاعر إنسان يصيبه ما يصيب الإنسان، من اضطرابات نفسية وتأثيرات بالظروف المحيطة به، مؤكدا أهمية أن يتحمل الشاعر مسؤولياته بشأن مراعاة سلوكه باعتباره قدوة لمحبيه، الذين يسلكون نهجه خاصة لو كانوا من صغار السن والشباب.
الارتقاء بالذائقة الشعرية
أكد الشاعر صقر سليم، أن التجاوزات اللفظية تحدث في المحاورات وفي الأماكن العامة وحتى على شاشات التليفزيون وفي بعض البرامج، مشيراً إلى أن هذا لا يعني أنها مقبولة، مهما كانت الظروف أو الاستفزازات.
ونصح كل مَن لديه فرصة للحديث في محاورة شعرية أو على شاشة تليفزيون، أو في أي تجمع أن يبتعد قدر الإمكان عن كل ما يؤدي إلى هذه التجاوزات اللفظية للارتقاء بالذائقة، مؤكدا تأييده لوضع قوانين لشعراء المحاورة ووضع تصنيف معتمد ومنظم لهم.
وأوضح في الوقت نفسه، أن هذا التنظيم من الممكن أن يكون مناسبا في المهرجانات الشعرية أو المناسبات الكبيرة التي يحضرها عدد كبير من الشعراء وقد لا يتناسب مع الحفلات المحدودة، لأن الشعراء المدعوين في الحفلات غالباً يتفاهمون مع زملائهم قبل بدء المحاورة فيمن يبدأ ومع مَن يلعب.
وقال الشاعر صقر، إن شعراء المحاورة في الغالب لا يمتنعون عن اللعب مع أقرانهم ممن يملكون الموهبة إلا في حالات محدودة، أهمها محاولة البعد عن التجاوزات اللفظية، وهنا لا يمكن لوم الشاعر على ذلك، لأنه يحاول الارتقاء بذائقة الجمهور والمجتمع.
وعن كيفية يكون استعداده قبل الحفل بيوم وما هي الأعمال التي يعكف عليها، أكد أنه لا يوجد أي استعدادات معينة، الأهم أن حضور الملعب يتطلب استعدادا ذهنيا مناسبا وتفرغا تاما لرفع جودة المحاورة، لافتاً إلى أن المحاورات ليس لها توقيت مثل مباريات كرة القدم.. لذلك بعض المحاورات تستمر إلى وقت متأخر وبعضها ينتهي مع انتهاء المعنى أو وصول الشعراء لحد الاكتفاء الشعري.
وأوضح صقر أن حضوره لأي حفل، يكون من خلال التنسيق عبر متعهد أو اتصال مباشر من صاحب الحفل بشكل مباشر، مشيرا إلى أن هذا التنسيق ينطبق على الحفلات الخارجية في دول الخليج كلها، ومنها في الكويت والإمارات وقطر.
وأضاف: لدينا الكثير من الشيوخ والأعيان والشعراء والإعلاميين، الذين نعتز بصداقتهم في دول الخليج الشقيقة ونتشرف بدعواتهم ونحرص على تلبيتها.
من جانبه، قال الشاعر عبدالله العيسي: للأسف الشديد نلاحظ مؤخراً أن ساحة المحاورة شهدت الكثير من الجدل، ما بين انفلات جماهيري من جهة، وافتعال مشاكل من بعض الشعراء من جهة أخرى حتى أصبحت الساحة تحظى بمتابعة جماهيرية شعبية لا يستهان بها، ولفت إلى أنه أصبح يظهر بين الحين والآخر مقاطع في التواصل الاجتماعي توضح تجمهرا واعتداء على شاعر، أو تعديا من شاعر على منظمين أو جمهور أو شاعر وشاعر آخر، مبينا أنه على المهتمين بهذا الفن سرعة انتشال الساحة مما وصلت إليه، كما يجب على الشعراء الكبار تدارك هذه المشكلة، وسرعة تلافيها والسعي لحلها وعدم تكرارها مستقبلا.
تراجع التسعيرة
تواصلنا مع عدد من متعهدي الحفلات، وبعض الشعراء الذين أكدوا أن شاعر المحاورة يتقاضى في الليلة الواحدة مبلغا يصل إلى ثلاثين ألف ريال إذا صنف كشاعر من الصف الأول وله جماهيرية كبيرة، بينما شعراء الصف الثاني يتقاضون ما بين 10 إلى 15 ألف ريال، أما الشعراء الذين يصنفون في بداياتهم فيتقاضون ما يقارب 5 آلاف ريال، وهذه التسعيرة خلال هذه الفترة فقط، فالسنوات الماضية كانت أجورهم تصل لليلة الواحدة إلى بين 60 -70 ألف ريال.
ومتوسط عدد الليالي لشاعر المحاورة في العام تقريبا تصل إلى 100 ليلة تقريباً.
في الآونة الأخيرة، تزايدت جماهيرية هذا النوع من الشعر، ومن ثم تزايد عدد شعرائه، وبدأت المحاورة في اتخاذ منحنى خطير، تمثل في التطرق لألفاظ تبدو أكثر مباشرة وجرأة مما قد يثير الكثير من المشكلات والخلافات بين أطراف المناسبة. وقد تداولت مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة، واقعة إلقاء أحد الشعراء بيت شعر حمل إساءة أخلاقية بصورة مباشرة، أدت لقيام الطرف الآخر بالرد بصورة مماثلة، مما تسبب في إيقاف المحاورة وبدأ الشجار بين الحضور الذين كانوا يمثلون أبناء عمومة، مما سبب فوضى عارمة، واستمرت مساجلاتهم عبر مواقع التواصل لعدة أيام.
«اليوم».. فتحت هذا الملف لمناقشة أثره على كل مَن له علاقة بهذا الفن، الذي يلقى رواجاً كبيراً وجماهيرية متزايدة.
السجن ثلاث سنوات وغرامة 100 ألف ريال
رأى المحامي أحمد العشوان، أن فن المحاورة، يفترض أن يكون فنا يرتقي بالشعر وصوره، بعيدا عن التمييز وبث الكراهية وازدراء الناس والنيل منهم، مشيراً إلى أن التجاوزات اللفظية التي تحدث في بعض التجمعات والاحتفالات، تهدد السلم الاجتماعي وتعتبر مخالفة بذلك لقواعد الدين الإسلامي التي جعلت التفاضل بالتقوى والعمل الصالح، قاطعة الطريق إلى كل سبيل يدعو إلى الفرقة والعصبية وتمزيق المجتمع بأفكار عنصرية لا تمت للإسلام وسماحته بصلة.
وأوضح أن المشرع فطن إلى هذا الداء والمرض، وأكد في مشروع العقوبات الذي نأمل أن يقر قريبا نبذ كل ما من شأنه النيل من المجتمع أو أفراده بكل تقسيماته من تمييز أو كراهية أو فوقية بأي شكل من الأشكال، وشدد العقوبات على ذلك في مادته العشرين بعد المائتين التي تقضي بالسجن مدة ثلاث سنوات وغرامة مائة ألف ريال في حال ارتكاب أي شكل من أشكال العنصرية التي تخالف هذا النظام.
وقال العشوان إنه بعد إقرار هذا النظام يحق للمدعي العام تجريم وتحريك دعوى عامة في حال المساس بالمجتمع أو أفراده أو مخالفة نظام العقوبات الذي نعول عليه الكثير في حال إقراره لينهي بذلك حقبة التطاول على المجتمع أو أفراده بأي شكل مخالف للنظام، ولا شك أن ذلك يشمل فن المحاورة وغيرها في حال انحرافه إلى العنصرية والتمييز ومهاجمة فئات المجتمع والتقليل منهم.
تجاوزات مرفوضة
ضريبة على شعراء المحاورة
كشفت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، عن أن الأشخاص الذين يمارسون نشاطا اقتصاديا ملزمون بالتسجيل في نظام ضريبة القيمة المضافة إذا بلغت الإيرادات السنوية (الحد الإلزامي وهو 375 ألف ريال)، أما الأشخاص الذين تتخطى إيراداتهم 187.500 ريال سعودي ولا تتجاوز 375 ألف ريال سعودي فمؤهلون للتسجيل الاختياري.
ونوهت الهيئة بأن الأشخاص الذين تقل إيراداتهم السنوية عن 187.500 ريال غير مؤهلين بالتسجيل في ضريبة القيمة المضافة.
أعرب محمد بن علي، أحد جمهور الشعر، عن رفضه للتجاوزات اللفظية التي حدثت مؤخراً في بعض التجمعات جملة وتفصيلاً، مشيراً إلى أن الشعر والشعراء وجماهيرهم لهم الاحترام والتقدير بالارتقاء بهذا الفن الذي استمر طوال السنوات الماضية دون انقطاع، وهذا الاستمرار دليل على نجاحه وقابليته في كل زمان ومكان.
وقال: إن هناك العديد من الفنون التراثية اندثرت وتوارت عن الأنظار، إلا أن فن المحاورة مستمر ومتواصل بتنوع شعرائه وذائقة محبيه، مؤكدا أن التجاوزات تسببت في مشاكل كبيرة بين الجماهير كون كل شاعر لديه جماهير في الغالب من أبناء عمومته بالتالي، حينما يحدث التجاوز لا يشمل الشاعر بعينه وإنما أبناء عمومته، وهذا خلل كبير ومشكلة عظيمة قد تتفاقم إلى حوادث لا يحمد عقباها.
وطالب بأهمية وضع قوانين تُنظم هذا الفن، ويوضع هناك تصنيف لكل شاعر، وقيمته المالية، وسلم يكون واضحا للشاعر ولمتابعيه وأيضا لصاحب الحفل الذي سيختار مَن هو الشاعر الذي يحيي الحفلة، ومراقبة الشعر بصورة دورية لفرض النظام على الجميع.
سرعة بديهة الشاعر سلاحه
أكد عادل الثبيتي أحد جمهور الشعر، أن المحاورات الشعرية تعتبر من الفلكلور الشعبي والجماهيري المهم كونه يعد فنا من الفنون التراثية التي تميز مناطق المملكة، مشيراً إلى أنه يحرص كثيراً على حضور المناسبات التي يتواجد فيها المحاورة الشعرية.
وقال: سرعة بديهة الشاعر تلفت انتباهي، وقوة معانيه أيضاً لها زيادة في جماهيريته وتمكنه من السيطرة على الأمسية التي تمتد لأكثر من ثلاث ساعات، وفي أحيان كثيرة تمتد إلى أربع ساعات من الشعر المتواصل.
وأشار إلى أن جمهور الشعر يتذوق أصحاب الأصوات الجميلة في المواويل التي تسبق أبيات الردية، فهذه المواويل تجذب الجماهير وتسرق عقولهم وقلوبهم، مضيفا: لا تخلو محاورة إلا ويشوبها الهمز واللمز، ولكن بطريقة غير مفهومة أو بالمعنى الأصح غير مفهومة عند أغلب الجمهور، فتكون الأبيات كما يقولون (ملغمة)، بمعنى أن مَن يفهم الشعر وتاريخه وطرقه سيعيش معانيه الدقيقة، وأن ما حدث مؤخراً في بعض المحاورات من تجاوزات لفظية صارخة نحن جمهور الشعر لا نؤيدها ولا نقرها ونرفضها تماماً.
ذكر مبارك الصقيري دكتور جامعي وباحث أكاديمي أن التجاوز اللفظي سواء في المحاورات الشعرية أو غيرها من الظواهر السلبية، التي يجب الحد منها والتوعية بآثارها السلبية على الشخص والأسرة والمجتمع، مضيفا: يعتبر التجاوز اللفظي بشكل عام أو بشكل خاص سواء في المحاورات أو المجالس العامة ظاهرة سلبية، ولها أسبابها النفسية التي تجعل الشخص المتجاوز لفظياً على غيره يعتقد أنه الشخص الأفضل أو غير ذلك من أسباب نفسية تجعله يتجاوز على الآخرين.
ويمكن أن يطلق على التجاوزات المرتكبة من بعض الشعراء، «تنمر لفظي» هو ما يشمل النعوت، والتلقيب، والإهانة، والترهيب، والتجريح، والتهديد، والتعيير، والتعييب، موضحا أن الهدف من تلك المعاني جميعا هو الإساءة إلى الآخرين.
وأوضح الصقيري، أنه في علم النفس يعد المتنمّر ضحية تنمّر، فالبعض من المتنمّرين كانوا ضحية تنمّر، مما جعلهم يشعرون بعدم القيمة والغضب، وبالتالي أصبحوا يرمون هذا التنمّر على غيرهم، مؤكدا أن علاج هذا النوع من التجاوز اللفظي بزيادة الوازع الديني وتقويته وبنشر الوعي المجتمعي بالآثار السلبية لهذه الظاهرة والحد منها في المحاورات الشعرية والمجالس العامة وغيرها.
تنمر لفظي
مسؤولية الشاعر
قال جمال الطويرقي دكتور علم النفس، إن ما نشهده الآن وما يقوم به البعض من الشعراء في مجتمعنا بإثارة النعرات، والقذف من جهات مختلفة واعتقاده بأن التلفظ على الآخر وعلى قبيلته أو أصله أو مذهبه مباح له ولا يحق لأحد غيره وهذا بخلاف تعاليم ديننا الإسلامي، وفي قوله الكريم سبحانه وتعالى في وصف ذلك قال تعالى «يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون»، كل هذا نهى عنه الله سبحانه وتعالى ونبينا الكريم لما له من تبعات.
وقال، إن أجمل ما نعرف ويعرفه الجميع أن الله سبحانه وتعالى وصف الشعراء في سورة (الشعراء) بأنهم يقولون ما لا يفعلون، وبأنهم يتبعهم الغاوون، والشعراء في عهد الجاهلية كان كل شاعر يمثل قبيلة يتفاخرون بالألقاب والشيم والعادات والكرم، وكان في ذلك الوقت يستخدمون الشعراء في تخويف الأعداء أو من دونهم من القبائل الأخرى.
وأضاف الطويرقي، إنه عندما أتى الإسلام جاء بشيء جميل، بألا يستخدم هؤلاء الشعراء في التفرقة بين الأديان وإثارة النعرات والتجريح بالقول، وهذا ما جاء به الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-، الذي وصف بأنه على خلق عظيم، وقد كان في ذلك الزمان ظهر حسان بن ثابت، الذي كان يمدح الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكان يهجو المشركين ويتمنى دخولهم في الإسلام من دون أن يقذفهم أو يهاجمهم، في زمان ما بعد الخلافة أتت الدولة الحمدانية ولا ننسى الشاعر المتنبي في ذلك العهد الذي كان يهاجم ويثير النعرات، حيث امتدح سيف الدين الحمداني ثم هاجمه وامتدح نفسه وقال (أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم) وقد حلل بعد ذلك بأنه مصاب باكتئاب ثنائي القطب.
وشدد دكتور جمال على أن الشاعر إنسان يصيبه ما يصيب الإنسان، من اضطرابات نفسية وتأثيرات بالظروف المحيطة به، مؤكدا أهمية أن يتحمل الشاعر مسؤولياته بشأن مراعاة سلوكه باعتباره قدوة لمحبيه، الذين يسلكون نهجه خاصة لو كانوا من صغار السن والشباب.
الارتقاء بالذائقة الشعرية
أكد الشاعر صقر سليم، أن التجاوزات اللفظية تحدث في المحاورات وفي الأماكن العامة وحتى على شاشات التليفزيون وفي بعض البرامج، مشيراً إلى أن هذا لا يعني أنها مقبولة، مهما كانت الظروف أو الاستفزازات.
ونصح كل مَن لديه فرصة للحديث في محاورة شعرية أو على شاشة تليفزيون، أو في أي تجمع أن يبتعد قدر الإمكان عن كل ما يؤدي إلى هذه التجاوزات اللفظية للارتقاء بالذائقة، مؤكدا تأييده لوضع قوانين لشعراء المحاورة ووضع تصنيف معتمد ومنظم لهم.
وأوضح في الوقت نفسه، أن هذا التنظيم من الممكن أن يكون مناسبا في المهرجانات الشعرية أو المناسبات الكبيرة التي يحضرها عدد كبير من الشعراء وقد لا يتناسب مع الحفلات المحدودة، لأن الشعراء المدعوين في الحفلات غالباً يتفاهمون مع زملائهم قبل بدء المحاورة فيمن يبدأ ومع مَن يلعب.
وقال الشاعر صقر، إن شعراء المحاورة في الغالب لا يمتنعون عن اللعب مع أقرانهم ممن يملكون الموهبة إلا في حالات محدودة، أهمها محاولة البعد عن التجاوزات اللفظية، وهنا لا يمكن لوم الشاعر على ذلك، لأنه يحاول الارتقاء بذائقة الجمهور والمجتمع.
وعن كيفية يكون استعداده قبل الحفل بيوم وما هي الأعمال التي يعكف عليها، أكد أنه لا يوجد أي استعدادات معينة، الأهم أن حضور الملعب يتطلب استعدادا ذهنيا مناسبا وتفرغا تاما لرفع جودة المحاورة، لافتاً إلى أن المحاورات ليس لها توقيت مثل مباريات كرة القدم.. لذلك بعض المحاورات تستمر إلى وقت متأخر وبعضها ينتهي مع انتهاء المعنى أو وصول الشعراء لحد الاكتفاء الشعري.
وأوضح صقر أن حضوره لأي حفل، يكون من خلال التنسيق عبر متعهد أو اتصال مباشر من صاحب الحفل بشكل مباشر، مشيرا إلى أن هذا التنسيق ينطبق على الحفلات الخارجية في دول الخليج كلها، ومنها في الكويت والإمارات وقطر.
وأضاف: لدينا الكثير من الشيوخ والأعيان والشعراء والإعلاميين، الذين نعتز بصداقتهم في دول الخليج الشقيقة ونتشرف بدعواتهم ونحرص على تلبيتها.
من جانبه، قال الشاعر عبدالله العيسي: للأسف الشديد نلاحظ مؤخراً أن ساحة المحاورة شهدت الكثير من الجدل، ما بين انفلات جماهيري من جهة، وافتعال مشاكل من بعض الشعراء من جهة أخرى حتى أصبحت الساحة تحظى بمتابعة جماهيرية شعبية لا يستهان بها، ولفت إلى أنه أصبح يظهر بين الحين والآخر مقاطع في التواصل الاجتماعي توضح تجمهرا واعتداء على شاعر، أو تعديا من شاعر على منظمين أو جمهور أو شاعر وشاعر آخر، مبينا أنه على المهتمين بهذا الفن سرعة انتشال الساحة مما وصلت إليه، كما يجب على الشعراء الكبار تدارك هذه المشكلة، وسرعة تلافيها والسعي لحلها وعدم تكرارها مستقبلا.
تراجع التسعيرة
تواصلنا مع عدد من متعهدي الحفلات، وبعض الشعراء الذين أكدوا أن شاعر المحاورة يتقاضى في الليلة الواحدة مبلغا يصل إلى ثلاثين ألف ريال إذا صنف كشاعر من الصف الأول وله جماهيرية كبيرة، بينما شعراء الصف الثاني يتقاضون ما بين 10 إلى 15 ألف ريال، أما الشعراء الذين يصنفون في بداياتهم فيتقاضون ما يقارب 5 آلاف ريال، وهذه التسعيرة خلال هذه الفترة فقط، فالسنوات الماضية كانت أجورهم تصل لليلة الواحدة إلى بين 60 -70 ألف ريال.
ومتوسط عدد الليالي لشاعر المحاورة في العام تقريبا تصل إلى 100 ليلة تقريباً.