د. شلاش الضبعان

@shlash2020

لا شك أننا في وطن ريادي يسعى ببناء واهتمام وتوجيه القيادة نحو رؤية تقوم على وطن طموح واقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي، وكل هذه المرتكزات تحتاج إلى تعليم عال بجودة عالية، فمؤسسات التعليم العالي من أهم المؤسسات التي يعول عليها الكثير، في قيادة عقول الشباب وتحريك قاطرة التنمية على المستوى المحلي والوطني والعالمي، كما أنها وسيلة استثمار المجتمعات في العنصر البشري الذي هو رأس المال الأغلى، فترتقي بما حولها من خلال تدريب القوى البشرية والبحث العلمي والتنمية الاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى كونها معيارا للتميز تؤثر وترتقي بالمؤسسات الموجودة في بيئتها من جميع المجالات.

وبالتالي فالقرارات المتتابعة التي صدرت من مجلس شؤون الجامعات والتي أتت مواكبة للتطلعات المستقبلية وتلبية للاحتياج الوطني، بهدف رفع كفاءة مخرجات وأداء منظومة التعليم الجامعي بالمملكة، بما يتواءم مع أفضل الممارسات العالمية للمؤسسات الجامعية تسر وتسعد كل محب لوطن الريادة.

أتمنى فقط أن تتم مراعاة الوضع الاجتماعي للمحافظات والمناطق التي تتواجد فيها كل جامعة في أكثر من جانب، ومنها موضوع تصنيف الجامعات إلى الفئات الخمس وفق الرسالة والاختصاص (شاملة، تدريسية، بحثية، تخصصية، تطبيقية)، فبعض الجامعات حتى ولو كانت مؤشرات الأداء الرئيسية، والهدف، ونوع البرامج التي تقدمها الجامعة، وهيكلها التنظيمي والنموذج التشغيلي لها، والتمويل والكفاءة المالية، والتحاق الطلبة بها يوجهها نحو تصنيف معين، إلا أن الجانب الاجتماعي يحتم مراعاة وضعها، ومن الممكن قياس هذا الجانب من خلال قيادات الجامعات وزيارتها والاطلاع على أدوارها، فالجامعة في بعض المحافظات هي المؤسسة الأكبر والوحيدة وبالتالي فدورها مهم للأفراد والمؤسسات الأخرى، من خلال بناء المواطن السعودي الصالح والواعي بالتحديات التي يواجهها وطنه، كما أنها تحمي من أضرار عديدة منظورة وغير منظورة، حالية ومستقبلية، لأن ضعف قبول الأبناء الذين لا يرغبون أو لا يحققون شروط الكليات التطبيقية، سيؤدي إلى مشاكل متعددة بسبب بعدهم عن عائلاتهم واضطرارهم للانتقال والبحث عن الدراسة في جامعات أخرى.

ولذلك مع أهمية القرار ورياديته في تعزيز التمايز بين الجامعات ورفع درجة التخصصية والتركيز إلا أن مراعاة ما سبق يسهم في تحقيق الأهداف المذكورة بالإضافة إلى الأهداف الكبرى لوطن الرؤية والريادة.

وما سبق ينطبق أيضا على موضوع التخصصات النظرية، فالجامعات لا يمكن أن تؤهل لسوق العمل فقط، بل هي مؤهلة للسوق وبانية للعقول فهي منارة إشعاع علمي وفكري في مجتمعاتها، في عالم يموج بما يليق وما لا يليق.