محمد حمد الصويغ

أفكار وخواطر

mhsuwaigh98@hotmail.com

من الفعاليات التي شدَّتني إليها محاضرة قيِّمة ألقاها الدكتور تيسير الخنيزي، بمنتدى الخط الثقافي بالقطيف، لصاحبه الإعلامي المعروف فؤاد نصر الله، وتدور هذه الفعالية حول مفهوم المحاضر للدولة المدنية الحديثة، وما يحمله من خصائص، فإذا كان الفكر السياسي الحديث يهدف إلى التحليل الاجتماعي والثقافي والفلسفي للمجتمعات البشرية، فإن المبادئ الإسلامية سبقت هذا الفكر بأكثر من ألف سنة، فهو يواجه تحديات الحياة وتطورها؛ لما له من صفة مقرونة بالعلم لتحسين الحالتين الاقتصادية والحياتية للشعوب، ومن ثم فإن لكل دول العالم دون استثناء طابعها المدني في تعاملها مع الحياة والتطور والتنويع الاقتصادي، وقد أشارت العديد من الأدبيات الغربية والعربية إلى هذا الفكر، وجميعها تستخدم كأداة لتحليل المجتمعات في مراحل مختلفة من تطورها الاجتماعي والثقافي.

هذا الفكر بكل أبعاده الخيِّرة يرسم النتاج الطبيعي لتطور البشرية في الاقتصاد والاجتماع والثقافة والعلوم، وقد أشار المحاضر إلى أن أول دستور مدني في تاريخ الدولة الإسلامية تمت كتابته فور هجرة رسولنا الأمين عليه أفضل الصلوات والتسليمات إلى المدينة المنورة، وقد اعتبره المؤرخون مفخرة للحضارة الإسلامية، حيث كفل الحقوق الإنسانية للجميع ونظم علاقة الدولة بالمجتمع، بما يتناغم مع الظروف الموضوعية للحياة وقتذاك، وانطلاقًا مع أبعاد هذا الفكر المستنير فإن رؤية المملكة المستقبلية الطموحة 2030 التي أطلقها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، تستهدف تحديث المجتمع السعودي وإعادة هيكلته وفقًا لما تتمتع به المبادئ الإسلامية السمحة من قوة ذاتية كامنة في قدرتها على التعامل مع مختلف جوانب الحياة، وهو أمر يتطلب بالضرورة التعاون الوثيق بين مختلف العلوم الإنسانية والاجتماعية والفلسفية لاستنتاج الأحكام المتناسبة مع الظروف الموضوعية والحياتية للمجتمع السعودي الناهض المتمسك بتشريعات وثوابت عقيدته الإسلامية الراسخة.