اليوم- الدمام

لا شك أن التغيّر المناخي جعل خريطة العالم مختلفة، فهل كان يمكن أن نتصور قارة أوروبا تعاني من موجات حرارة وحرائق أودت بحياة المئات ودفعت آخرين لترك منازلهم، وأيضا أن تضرب الأمطار المتوسطة إلى الرعدية دول الخليج خلال فصل الصيف؟

ما هو تغير المناخ؟



وبحسب الأمم المتحدة، يُقصد بتغير المناخ التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس، وقد تكون هذه التحولات طبيعية فتحدث، على سبيل المثال، من خلال التغيرات في الدورة الشمسية.

ولكن منذ القرن التاسع عشر، أصبحت الأنشطة البشرية المسبب الرئيسي لتغير المناخ، ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز.

ينتج عن حرق الوقود الأحفوري انبعاثات الغازات الدفيئة التي تعمل مثل غطاء يلتف حول الكرة الأرضية، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.

وتشمل أمثلة انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب تغير المناخ ثاني أكسيد الكربون والميثان. وتنتج هذه الغازات، على سبيل المثال، عن استخدام البنزين لقيادة السيارات أو الفحم لتدفئة المباني.

ويمكن أيضا أن يؤدي تطهير الأراضي من الأعشاب والشجيرات وقطع الغابات إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون. وتعتبر مدافن القمامة مصدرًا رئيسيًا لانبعاثات غاز الميثان. ويعد إنتاج واستهلاك الطاقة والصناعة والنقل والمباني والزراعة واستخدام الأراضي من بين مصادر الانبعاث الرئيسية.

ونتيجة لذلك، أصبحت الكرة الأرضية الآن أكثر دفئًا بمقدار 1.1 درجة مئوية عما كانت عليه في أواخر القرن التاسع عشر. وكان العقد الماضي (2011-2020) الأكثر دفئًا على الإطلاق.

يعتقد الكثير من الناس أن تغير المناخ يعني أساسًا ارتفاع درجات الحرارة، ولكن ارتفاع درجة الحرارة ليس سوى بداية القصة، ولأن الأرض عبارة عن نظام، حيث كل شيء متصل، فإن التغييرات في منطقة واحدة قد تؤدي إلى تغييرات في جميع المناطق الأخرى.

تشمل عواقب تغير المناخ، من بين أمور أخرى، الجفاف الشديد وندرة المياه والحرائق الشديدة وارتفاع مستويات سطح البحر والفيضانات وذوبان الجليد القطبي والعواصف الكارثية وتدهور التنوع البيولوجي.

ولاكتساب منظور شامل عن التغير المناخي، توضح صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أنه يجب أن نرى الأشياء بمنظور أوسع، فعن طريق صور الأقمار الصناعية نستطيع رؤية كوكبًا شديد الحرارة مشتعلًا وجافًا ومغمورًا في مناطق مختلفة في نفس الوقت.

الجفاف في أمريكا



وتم إدراج أكثر من ثلث غرب الولايات المتحدة ضمن حالة جفاف شديدة أو استثنائية، وهما أشد مستويين على مقياس مراقبة الجفاف في الولايات المتحدة.

درجات الحرارة المرتفعة



الأسوأ قادم



وفي أوروبا تم إجلاء أربعين ألف من سكان فرنسا بسبب حرائق الغابات، كما أضرم عدد من الحرائق الأخرى المناظر الطبيعية في البرتغال وإسبانيا، وبلغت الموجة الحارة التي تضرب المملكة المتحدة ذروتها مسجلة رقما قياسيا لأعلى درجة حرارة في تاريخ البلاد، عند 40.3 درجة مئوية.

وبحسب البيانات التي أصدرها نظام معلومات حرائق الغابات الأوروبية التابع لبرنامج مراقبة الأرض للاتحاد الأوروبي كوبرنيكوس، فإن المساحات التي اجتاحتها النيران في الأسابيع الأخيرة في أوروبا تخطت المساحة الإجمالية للأراضي المُحترقة خلال عام 2021 بأكمله.

ولفت العلماء إلى أن الأمور قد تزداد سوءا في السنوات المقبلة مع اشتداد تغير المناخ ما لم يتم اتخاذ تدابير مضادة.

أمطار الخليج



وفي الوقت الذي تعاني فيه أوروبا وأمريكا من هذا الحر الشديد، فحتماً تعاني دول الخليج العربي من الحرارة أيضاً، غير إن هناك أمطار وسيول غزيرة ضربت هذه الدول خلال الأيام الماضية.

ففي المملكة العربية السعودية هطلت أمطار رعدية على مدينة نجران، ما أدى إلى تدني الرؤية في نجران ومحافظات خباش وحبونا وبدر الجنوب وثار ويدمة.



وامتدت الأمطار إلى منطقة عسير وشملت محافظات رجال ألمع وسراة عبيدة وظهران الجنوب ومحايل، ومراكز الحبيل والجوة ووادي الحياة والفرشة وشني ووادي الحياة ومربه والواديين والعرين والفيض والحيمة.



وأيضا نبّه المركز الوطني للأرصاد، من أتربة مثارة وأمطار رعدية، يصاحبها نشاط في الرياح السطحية وتدنّ في مدى الرؤية على عدد من محافظات ومراكز الشرقية.

وأشار إلى أن الحالة تشمل الجبيل، الخبر، الظهران، الخفجي، الدمام، القطيف، النعيرية، رأس تنورة، قرية العليا، مبينا أن الحالة تستمر حتى الساعة العاشرة مساء.



سيول الإمارات:

أما الإمارات فشهدت سقوط أمطار غزيرة ومتوسطة أدت إلى جريان الأودية وتجمع المياه في المناطق المنخفضة في أم القيوين والشارقة ورأس الخيمة وعجمان وخورفكان.

ونزلت الأمطار مصحوبة بالبرق والرعد في مطار الفجيرة الدولي، وقد عرقلت الأمطار الغزيرة بعض الشوارع والميادين في إمارتي الفجيرة ورأس الخيمة، وذلك مع استمرار تكاثر السحب الركامية الممطرة.


وسجلت أعلى كمية أمطار في ميناء الفجيرة بواقع 221.8 ملم وهي أعلى كمية أمطار سقطت على دولة الإمارات خلال شهر يوليو منذ 27 عاماً، والتي هطلت في خورفكان عام 1995 بواقع 175.6ملم.



في عمان أيضا



وقالت وكالة الأنباء العمانية، إن ولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة، شهدت هطول أمطار تراوحت بين الغزيرة والمتوسطة، شملت نيابة الحوقين وحاجر بني عمر، وأدى هطول الأمطار أدى إلى جريان عدد من الشعاب وأودية الحاجر وديسلي والحيملي والحوقين والقرية وبني غافر وبني هني.



الكويت

وفي الكويت، حذرت وكالة الأرصاد الكويتية من أن هناك فرصاً لهطول أمطار رعدية متفرقة تبدأ اليوم الجمعة وتزداد يوم السبت.



قطر



وأعلنت هيئة الطيران المدني القطرية، عن استمرار هطول الأمطار التي شهدتها معظم مناطق الدولة حتى نهاية عطلة هذا الأسبوع، والتي كانت رعدية ومتفاوتة من منطقة إلى أخرى.

تأثير تغيّر المناخ



وتقول الأمم المتحدة في تقرير لها عن تغيّر المناخي، إن هذا التغيّر يؤثر على صحتنا وقدرتنا على زراعة الأغذية والسكن والسلامة والعمل. البعض منا أكثر عرضة لتأثيرات المناخ، مثل الأشخاص الذين يعيشون في الدول الجزرية الصغيرة والبلدان النامية الأخرى. لقد ساءت الظروف مثل ارتفاع مستوى سطح البحر وتسلل المياه المالحة إلى درجة اضطرت فيها مجتمعات بأكملها إلى الانتقال، كما أن فترات الجفاف الطويلة تعرض الناس لخطر المجاعة. في المستقبل، من المتوقع أن يرتفع عدد اللاجئين بسبب المناخ.

وتأتي الانبعاثات التي تسبب تغير المناخ من كل منطقة من العالم وتؤثر على الجميع، لكن بعض البلدان تنتج أكثر بكثير من غيرها، حيث إن المائة دولة التي تنتج أقل قدر من الانبعاثات تولد 3 في المائة فقط من إجمالي الانبعاثات، بينما البلدان العشرة التي تنتج أكبر قدر من الانبعاثات تولد 68 في المائة من الانبعاثات.

وذكر تقرير الأمم المتحدة أنه يجب على الجميع اتخاذ إجراءات بشأن المناخ، لكن البلدان والأشخاص الذين يتسببون في أكبر قدر من المشكلة يتحملون مسؤولية أكبر لمباشرة العمل بشأن المناخ.