ماجد السحيمي

@Majid_alsuhaimi

مع كل حقبة زمنية في الحياة هناك فريقان يتصدران المشهد، مقاوم والذي يصر على مساره وما اعتاد عليه، ومواكب والذي يميل للتجديد والتغيير وكسر الروتين، كل فريق يرى من وجهة نظره صحتها، وكل له أسبابه قوته، ليس هنا الخلاف إنما الخلاف في ما يحمله الفريق. في هذه الحقبة وثورة المعلومات ومنها الإعلام الجديد بدأ العراك بين الفريقين، فهؤلاء يرون خصومهم جددا متطفلين على الساحة وكأنها حكر، يفتقدون أهم ركائزها وأدبياتها، والآخر يرى المقاومين أنهم كما يقول المصريون (دأة أديمة)، وأنهم مقاومون للتطوير والتجديد، وهكذا. أنا هنا لا أتحدث عن أجهزة إعلامية بل عن أفراد كتاب مقالات أو أصحاب منصات تقنية، والذي أشمئز من مسمى «مشاهير»، لأن المشهور هو المعروف، ولكن ليس بالضرورة أن يكون إيجابيا.

في نظري المشكلة ليست هنا ولا هناك، المشكلة فيما يملأ جعبة الفريقين، لأنه من المفترض أنهم يمثلون نخبا من المجتمع، أكرر نخبا، إن كانت السرعة والمباشرة إلى المستهدف مميزات الإعلام الجديد فإن عدم التدقيق قبل طرحه وخفة محتواه أيضا من مساوئه، وأحيانا كوارثه، وحيث إنني ابن إعلام ورقي حين بدأت، كانت المقالات أو الأخبار أو التحقيقات التي لا تعجبني إما فكرة تقليدية أو ناقصة فقط، ولكن الإعلام الجديد كوارثه سخافات وجرأة وتقليد وافتقاد لما يهدف، بل حضور لما يضر ولا ينفع.

لا أذكر أنني قرأت مقالا كان هدفه التميلح، ولم أشك يوما أن كاتبه مريض نفسيا يهتم بنقل التوافه ليراها كل الناس، لست هنا أستخدم أسلوب التعميم فالمساوئ والمحاسن تتوزع على الطرفين، ولكن غياب المراجعة والتدقيق في الإعلام الجديد فتح الباب على مصراعيه للغث والسمين والعقليات الممتلئة رزانة واتزانا والفارغة منهما أيضا.

لا أعلم كيف تصور كوب قهوة وتنشره للعالم كي يضيعوا وقتهم في مشاهدة عشرات أكواب المشاهير، فضلا عن المحتوى الركيك والبائس مثل التحدث إلى الوالدة لكسب مزيد من المتابعين بينما هو يكسر هيبة الوالدين الذين هم أرقى من أن يكونوا حديث آخرين، فمرتبة البر لا يمكن أن تهبط لهذا المستوى، الفراغ يتكرر أيضا عند الفتيات، برنامج منسوخ عن كثير منهن يبدأ بصباح بتوقيتهن ثم تحضير القهوة وبعدها 4 كيلو من طبقات الوجه التجميلية ثم أطباق الغداء أو طريقة طبخ منسوخة من اليوتيوب، وبعدها بخور، وكأنه تحضير للشعوذة، بينما المفيد والذي يضيف للملتقى أعتقد أنه أقل من 5 % مما تحتويه الساحة الإعلامية الجديدة الفردية، أتذكر في أول مرة رغبت في نشر مقال لي طلب مني كتابة 3 مقالات تنم عن فكرتي وأسلوبي وطريقة طرحي، وأمضيت حينها 4 ساعات في كل مقال فكرة وكتابة وتدقيقا ومراجعة حتى ينجو من مقصلة الرقيب.

نهاية لست مع طرف ضد الآخر ولست مدافعا هنا ولا مهاجما هناك، ولست ضد التغيير، ولست ضد القيم الأساسية في الإعلام، ولكن الفيصل هو المحتوى الذي يضيف ولا ينقص والذي أراه قليلا مع الإعلام الجديد، رغم أن هناك منه نماذج رائعة جميلة تختص بنقل محتوى هادف أو بترجمات مفيدة لكنها قليلة جدا.

وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل أودعكم قائلا (النوايا الطيبة لا تخسر أبدا).. في أمان الله.