محمد حمد الصويغ

أفكار وخواطر

mhsuwaigh98@hotmail.com

النص في جوهره لا يخرج عن المفهوم الموضوعي لما يريد أن يتناوله الكاتب، وبالتالي فإن المتلقي يقف عبر جزئياته وتفاصيله على معرفة محتواه، وفقًا لظروفه ومناهجه وتحوُّلاته، ولا شك في أن مفاهيمه المطروحة تقوم على أسس فكرية، كما شرحها سعيد علوش في سفره الشهير «معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة»، حيث يقول عن تعريفه للنص «مصطلح يحل محل العمل الأدبي، وفي الوقت الذي نرفض فيه مفهوم الإبداع الفردي كدلالة تمثيلية يصبح النص أثرًا للكتابة، أو هو رقم بدون حقيقة، أو نظام أرقام لا تهيمن عليها قيمة الحقيقة»، وهنا أقول إن المادة الجاهزة الماثلة للعيان هي ذلك النسيج من الأقوال التي لها علاقاتها الجذرية مع «التمظهر اللغوي»، إن جاز التشبيه، وإزاء ذلك فإن المفهوم النصِّي تتعدد معانيه بتعدد مفردات لغته.

وأذهب إلى القول تبعًا لذلك إن التراكيب اللفظية في مجملها تجمع العناصر المقولبة، والصيغ الصرفية، ضمن قواعد تركيبية دلالية تأخذ بعد ذلك أشكالها الصوتية المتعددة، بمعنى أن وحدة النص تترابط خيوطها المتباعدة في نسيج واحد هو ما يُطلق عليه «مصطلح النص»، وقد أدى ذلك إلى قيام العديد من المناهج التي تبحث في ماهية ذلك الترابط وتقاطعاته، فظهور النصوص الكتابية والقولية في سائر المجتمعات البشرية يمثل حِراكًا هامًّا في عوالم المعرفة، وهو أمر يدل على أن المسارات الثقافية ونمو مراحلها لا تتحقق في واقع الأمر إلا بدراسة نصوصها وما يتبعها من نقد وتوجيه، فالنص إذن هو بناء لغوي تبدأ مستوياته من البنية الصوتية، وتنتهي عند علاقته باللغة، فإهمال دراسة الجانب اللغوي داخل النص لا يبدو صائبًا، لاسيما أن موقعه مرادف تمامًا لأي اتجاه ثقافي معلن.