خالد العبيد

منذ أيام قليله أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مع الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس المواصفة القياسية للمسؤولية الاجتماعية ومن خلال هذا الخبر أتت هذه المقالة للتعريف وإضاءة بعض القوانين والمصطلحات التي تتماشى مع هذا الخبر.

اقتصرت بدايات مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات على الأنشطة الخيرية والإنسانية مثل التبرعات أو الأعمال الخيرية للجمعيات واستمر هذا المفهوم إلى أواخر القرن 19 الذي تحولت فيه المسؤولية الاجتماعية كجزء من إجراءات القطاع الحكومي وعدد من الهيئات والمؤسسات إلى أن أصبح المفهوم مسيطرا عام 1970م، وارتبط أكثر بالقطاع الخاص ومن ثم اتسع المفهوم أكثر وأكثر من كونه فقط موجها للقطاع الخيري والقضايا الإنسانية إلى جوانب واتجاهات متعددة تشمل المجتمع والاقتصاد والبيئة، ثم أضيفت بعد ذلك جوانب أخرى منها حقوق الإنسان، حماية المستهلك، والعديد من القضايا وقد شهدت المسؤولية الاجتماعية للشركات تغيرا كبيرا مع التقدم الذي نراه في تطور أدوات التواصل والتأثير حتى أصبحت مسؤولية الشركات والمؤسسات اليوم مسؤولية ممتدة شملت المستهلك، والعميل، والمالك وغيرهم من أصحاب المصلحة.

وفي تعريف وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالمملكة العربية السعودية نلمس أهمية المسؤولية الاجتماعية لمنشآت القطاع الخاص بالتزامها الطوعي بالعمل على خلق أثر مستدام لتنمية المجتمع والاقتصاد والبيئة، وأن يكون ذلك ضمن إستراتيجيتها في كافة علاقاتها وأنشطتها الداخلية والخارجية، ونرى وفق القانون أن المسؤولية الاجتماعية للشركات والاستدامة تقومان باحتياجات المجتمع الحالية دون الضرر باحتياجات الأجيال القادمة.

إن التنمية المستدامة تعد نتيجة وأثرا للممارسة الجيدة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، التي لها مبادئ ينبغي للشركة الالتزام بها ومنها القابلية للمساءلة وتعني أن تكون المنظمة مستجيبة للمساءلة من الجهات الحاكمة والسلطات القانونية وعلى نطاق أوسع من الأطراف المعنية الأخرى عن تأثيراتها على المجتمع، وأيضا الشفافية التي تعني الانفتاح على القرارات والأنشطة التي تؤثر على المجتمع والاقتصاد والبيئة.

إن المسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص لا تقف عند التبرعات للمشروعات والبرامج التنموية والخيرية، فثمة مجالات للعمل ومبادئ يجب أن تلتزم بها الشركات وسيعود ذلك على المجتمعات والدول بفوائد كبرى، ويجنبها كوارث وأزمات بيئية واقتصادية واجتماعية ستكون في تكاليفها ونتائجها أكبر بكثير من التكاليف المترتبة على هذه المسئوليات والالتزامات، ومن مجالات ومحاور هذه المسئوليات الاجتماعية، تنظيم وإدارة الأعمال وفق مبادئ وقواعد أخلاقية، والمشاركة مع الفقراء والطبقات الوسطى (على أساس ربحي)، وحماية البيئة وتطويرها، وحماية الموارد الأساسية كالمياه والغابات والحياة البرية والتربة وتطويرها، ومكافحة الفساد وتجنبه، والتزام حقوق الإنسان والعمل والعمال، ومساعدتهم في تحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية مثل الادخار والتأمين والرعاية لهم ولعائلاتهم، ومشاركتهم في الأرباح.

وعلى صعيد الدفع بموضوع المسؤولية الاجتماعية للبروز اقتصاديًا واجتماعيًا برزت لدينا العديد من نماذج وبرامج المسؤولية الاجتماعية التي تقوم الشركات السعودية بتنفيذها، من خلال أقسام وإدارات متخصصة في مجالات عمل المسؤولية الاجتماعية، وتحققت نجاحات كبيرة في مجالات التعليم، والصحة، والثقافة، والرياضة، والتدريب، والتوعية، المرتبطة برفع كفاءة ومهارات أفراد المجتمع، مما مكنهم وفق خطط وبرامج مدروسة من تجاوز العقبات التي تواجههم، وأن تتوافر لهم فرص عمل تتوافق مع تطلعاتهم وطموحاتهم، الأمر الذي أسهم بشكل كبير في تقليص البطالة لدى الأسر محدودة الدخل، والأسر الفقيرة، والأيتام، والأشخاص ذوي الإعاقة، وقد تم إنشاء إدارة عامة للمسؤولية الاجتماعية في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لتقوم بدعم أنشطة وبرامج ومشروعات المسؤولية الاجتماعية التي تتبناها المنشآت لتنمية المجتمع وتلبية احتياجاته، وتسعى إلى حشد المساندة لبرامج التنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية، ومن مهامها أيضا اقتراح الأنشطة والبرامج الاجتماعية التي يتولاها القطاع الخاص وإيجاد معايير وأنظمة ومحفزات لتطبيقها.

@khalid_ahmed_o