عبدالله العولقي

بعض المبدعين يمتلكون سمة التنوع في إبداعاتهم، وفي هذا المقال سنستشهد بالأديب الراحل الدكتور غازي القصيبي، فهو رجل دولة وسياسي وإداري ووزير وشاعر وناقد وروائي، فإن تحدثت عن إدارته فهي نمط استثنائي ومدرسة فريدة لا تتكرر، لا تجد تفاصيلها في كتب الإدارة العامة لأنها نتاج خبرة شخصية، فهو إداري محنك وعظيم يضرب به المثل في الإدارة الناجحة، وقد أشاد به كل الذين تعاملوا معه أو عملوا تحت إدارته، وقد أودع كل خبرته الإدارية في كتابه الشهير (حياة في الإدارة) والذي يعد اليوم مرجعا هاما في العلوم الإدارية، ومن اللافت أن نتحدث بأن هذا الكتاب يصلح تطبيقه في البيئة العربية كونه يتوافق وعن تجربة ذاتية مع ثقافتنا المحلية على عكس كتب الإدارة الأخرى والتي هي نتاج مباشر عن الثقافة الغربية !!.

عين وزيرا للصناعة والثروة المعدنية، وفي عهده تأسست شركة سابك عملاق البتروكيماويات السعودي، ثم عين وزيرا للصحة، وفي تلك المرحلة ظهرت السمة المميزة لإدارته بالزيارات المفاجئة للمرافق الصحية، وبعدها تم تكليفه بمهام سياسية ودبلوماسية فعين سفيرا لحكومة المملكة العربية السعودية لدى مملكة البحرين، وبعدها تم تعيينه سفيرا لدى بريطانيا، ثم عاد إلى المملكة وشغل منصب وزير الكهرباء والمياه، ثم وزيرا للعمل وقد بقي في هذا المنصب حتى وفاته، رحمه الله.

يعد القصيبي أحد رموز الشعر العربي في العصر العربي، وله من القصائد ما يذكرنا بشعر فحول القدماء، ففي شعره سمو المتنبي وبراعة أبي تمام ووصف البحتري، وقد أصدر القصيبي عدة دواوين تم جمعها مؤخرا تحت مسمى (الأعمال الشعرية الكاملة لغازي القصيبي)، كما يعد الدكتور القصيبي روائيا معروفا ومن أشهر رواياته التي قدمها للمكتبة العربية (عن قبيلتي أحدثكم) و(شقة الحرية)، ولأنه شاعر مجيد فهو متذوق للشعر العربي ويعرف جيده من رديئه وقد اختار القصيبي مجموعة من القصائد نقدها بذائقة فريدة، وأوضح مدى إعجابه بها في نفسه وخصص لها كتابه الجميل (قصائد أعجبتني).

صدرت عن القصيبي عدة دراسات أدبية ومقالات نقدية تناولت شخصيته المبدعة كسياسي ووزير وأديب وشاعر وروائي، وتناولت مجالات إبداعاته من زوايا مختلفة، كما عرف القصيبي بوطنيته المتدفقة في شعره وأدبه وعمله الرسمي، ولذا نجده يردد دائما حول انتمائه بأنه ولد في كل رملة من رمال الوطن، والتصقت كينونته بكل قطرة ماء في شواطئه، كما امتزجت روحه مع كل غيمة في سمائه، من أقصى هذه البلاد إلى أقصاها، رحم الله أيقونة الإبداع، غازي القصيبي.

@albakry1814