آمنة خزعل - الدمام

الترابط الوثيق بين أفراد الأسرة مبني على الإحساس والإنصات والتفاهم

التواصل بين الأبوين والأبناء أمر أساسي مهم، يبنى على الثقة المتبادلة بينهم، وعلى وجود النموذج الأمثل أي القدوة الصالحة، لأنه من الصعب جدا التقليد والمحاكاة والاقتداء بالتلقين فقط، بل لا بد من التطبيق العملي، وقال الأخصائي النفسي العيادي والجنائي د. عبدالله الوايلي: أثبت بعض الدراسات أن نحو 90 % من التوجيه النظري «النصائح» لا يؤخذ به، في حين أن 10 % من التوجيه التطبيقي يتم الأخذ به والاستفادة منه بالفعل، لأن الاتصال الجيد بين أفراد الأسرة يعد عاملا رئيسا للإحساس بالآخر والإنصات له والأخذ منه، وهذا يعني أن علاقة الأبوين كزوجين يتشربها الأبناء في طفولتهم ومراهقتهم وكل مراحلهم العمرية، فإن كانت إيجابية ستنعكس تلقائيا على سلوكياتهم والعكس صحيح، وبالتالي فإن أهم خطوات تعزيز الاحترام في الحياة الزوجية لدى الأبناء هو آلية التعامل الوالدين معهم، فالأسرة عادة تتعرض للكثير من الصعوبات والعقبات والتحديات المعيشية، وأهمها وأشدها خطرا هو العمل على قوة الأسرة وتماسكها ثم المحافظة على ذلك، وهنا يتضح الدور التكاملي للزوجين.

البداية بالاحترام

وأكد أن هناك عوامل رئيسية لبناء العلاقة الزوجية المثمرة، التي لا بد أن تبدأ بالاحترام وتنتهي به أيضا، لأن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، وهذه العوامل لها عدة خطوات فعالة، كالتفاعل والتفاهم والمشاركة والتجاهل والتنازل والاعتذار والعمل على التغيير، وصولا إلى التجنب والتعزيز باعتماد مباشر وغير مباشر على العقلانية والمنطق في قوة التأثير.

انفعالات وجدانية

وأوضح أنه بعيدا عن الاستجابات العاطفية التي غالبا ما تكون سريعة وذات مدة قصيرة ربما تصل من 10 إلى 12 دقيقة، تلك الانفعالات الوجدانية العامة التي تثير الغضب والتذمر والبكاء والضحك وغيرها، إلا أن طول المدة عادة ما يدل على الانفعالات المبالغ فيها، إما لجذب الانتباه أو لكسب تعاطف الآخرين، ومن هنا يجب على الأبناء فهم محددات الحياة الزوجية وأوجه التكامل والقصور الشخصية لدى الذكور من جهة، والإناث من جهة أخرى، إذ إن طبيعة وسيكولوجية الجنسين مختلفة تماما، وتتحكم فيها عدة متغيرات فسيولوجية «جسمانية ونفسية».

التغذية الفكرية

وتابع: حتى تتضح الصورة أكثر فإنه من المهم جدا أن يعتمد الآباء والأمهات على التغذية الفكرية لعقول الأبناء قولا وعملا، حتى يتعلموا معنى الحياة الزوجية ويتشربوا أهمية العلاقة الأسرية، ويؤمنوا بأحقية الخصوصية الفردية والجماعية لبناء ثقافة أسرية ناجحة، سواء كانت مرحلية أو مستقبلية تنعم بالحياة الإنسانية الآمنة التي تتركز على الأمن الفكري.

المثلث الزواجي

وأشار إلى أنه من أجل تعلم الأبناء وتشربهم الثقافة الزوجية النبيلة، لا بد لهم من فهم وتطبيق المثلث الزواجي القائم على 3 مكونات رئيسية هي:

- إن الدين هو المعاملة، ولذا لا بد من التفاهم والتنازل.

- إن الحقوق الزوجية متساوية فالواجبات لهم وعليهم.

- إن حياة الزوجين مستقلة بالاعتماد على البناء والاحتواء.

فالزواج شركة اجتماعية مهمة في حياة كل ذكر وأنثى، تبنى على الاعتبار الإيجابي والود، وأن شركة الزواج جامعة تعليمية تربوية تتأسس لتبقى بين الزوجين، حتى يتخرج منها الأبناء من الجنسين بقيم ومبادئ راسخة تهدف إلى التكامل من خلال بناء الفرد والمجتمع، لأن العلاقة بين الزوجين والأبناء علاقة طردية تبادلية وثيقة، فهي من أهم العلاقات البشرية وأكثرها تأثيرا على الشخصية في كل المراحل العمرية.

دائرة التأثير

ومن هذا المنطلق أوضح أنه يجب على الأبناء أن يتعلموا أهمية الفرق بين دائرتي التأثير والاهتمام، لأن دائرة التأثير تعني قدرة الإنسان على أن يغير وينمي ويطور في حياته وإمكاناته وقدراته بكل الطرق الممكنة، لأن هذه الدائرة لا بد أن تأخذ حيزا كبيرا من التفكير يصل غالبا إلى 90 % من حياة الفرد، وهذا يعني أن الزواج مسؤولية كبيرة تحتاج إلى الفهم والوعي والإدراك القائم على الاستعداد الذهني والنفسي والاستقلالية، لأنه يترتب عليه أحداث ومتغيرات متعددة، بينما دائرة الاهتمام تعني تدخل الإنسان فيما لا يعنيه، فلا يوجد تأثير مباشر للشخص فيها، ولذلك يجب ألا تصل إلى أكثر من 10 % من حيز التفكير، لأنها تستنزف القدرات العقلية والنفسية والسلوكية بلا جدوى، ومعها تنخفض دائرة التأثير مباشرة.

قيمة إنسانية

واستطرد: مما لا شك فيه أن للحياة الزوجية قيمة إنسانية عظيمة، ولا بد من المحافظة على تلك القيمة ومراعاتها من الشريكين بكل الطرق الممكنة وغير الممكنة، لأنها علاقة تعتمد على المظاهر الداخلية والخارجية المبنية على الاحترام المتبادل بين الزوجين، فالقاسم المشترك بين تلك المظاهر هو مراعاة المشاعر سواء عند حضور الشريك أو غيابه، والاحترام يجب أن يكون بالتبادل وليس بالتفاضل، لأن التفكير الراقي يتركز على الحجة بالحجة، وكذلك استنادا لما أثبتته بعض الدراسات بأن الاحترام بين الزوجين عبارة عن فضيلة منسية، يستدل عليها من خلال التعامل الزواجي غير المهذب، ما يقود إلى الفشل غالبا، ويحبط الأبناء في قراءة المستقبل.

فن الحوار

واختتم حديثه بالقول: لا بد أن يفهم الأبناء أن لغة الحوار بين الزوجين من أهم وأرقى عمليات البناء الزواجي، وهي اللغة الأخلاقية الرئيسية التي يحتاجها الإنسان دائما في حياته الاجتماعية بشكل عام والزوجية بشكل خاص، لأنها تساعد الزوجين على الفهم والاستيعاب، ومن ثم توقع الاستجابات وضبطها، ولذلك يجب الأخذ في الحسبان أن المناقشة ولغة الحوار بين الزوجين أساس الاستمرار في العلاقة، وأنها دليل قطعي على معرفة بعضهما بعضا، وبالتالي قدرتهما على المشاركة في تحديد المصير، علما بأن أبرز صفات المحاور الجيد هي أن يكون اجتماعي الطبع والتطبع، وأن يهتم بمن حوله وبمن يشاركه الحديث، ولا يوجد حوار مستمر بشكل خاص مثل حوار الزوجين ومناقشاتهما.

الزواج شراكة اجتماعية مهمة تبنى على الاعتبار الإيجابي والود

اللغة الأخلاقية تساعد الوالدين على الفهم وتوقع الاستجابات وضبطها

علاقة الأبوين معا يتشربها الأبناء في طفولتهم ومراهقتهم وكل مراحلهم العمرية

الحفاظ على قوة الأسرة وتماسكها أهم العقبات والتحديات للدور التكاملي للزوجين