سهلة المدني

أرواحٌ لم نرَ ألمها، وقطعة من روحك ودمك، قطعة من قلبك وأنفاسك، ترى فيها جمال روحك، وترى فيها أحلامك، ولحظة وقوعك في الحب، ترى فيها أملًا، وتتذكر ودموعك تذرف، وأنت ترى كل شيء فيها يموت، وكأن روحك تموت مع كل قطرة دم تنزف منها، لبنان كيف لها أن تموت ونحن ما زلنا نعشق كل زاوية فيها، فهي نحن، بل هي أقرب إلينا من أجسادنا.

عندما نتذكر ما حدث لها نشعر بالخذلان والألم؛ لأننا لم نستطع أن ندافع عنها، ونقف ضد عدوها الذي ما زلنا نجهله، أهو الزمن أم هم بشر فقدوا الإنسانية، كنا نرى لبنان تسقط، وبعد كل سقوط كانت تقف، ونرى قوتها تزيد يومًا بعد يوم، وكأنها تثبت لنا أن الألم يصنع منها أقوى من ذي قبل، ولكن هذه المرة رأينا عكس ما كنا نتوقعه، وهي لوحة فنية تمزقت أمام أعيننا، ودموعنا وقلوبنا خذلتنا، وجعلتنا نراها تنزف وتموت ببطء كبير، وعقولنا وقلوبنا وأرواحنا جعلتنا نرى موتها، ونرى كل شيء فيها ينزف، مهما حدث لها فنحن نحبها، ولكن ما يؤلم هو أنها تعلن موتها للجميع، نعم هي كذلك، ولكن إذا وجدت مَن يؤمن بقوتها فلن تموت، وإذا وجدت مَن يرى جمالها خلف ضربات الزمن، ويرسم لها صورة جميلة في مخيِّلته فلن تموت، وإذا وجدت فنانًا يرسم صورة لها للعالم، ويثبت حبه وإيمانه فيها، فلن تموت، وإذا وجدت كاتبًا يؤمن بقوتها، ويرى أنها ستظل قوية مهما حدث، ويكتب عن أحزانها، وما تحتاجه فلن تموت، وإذا وجدت رجل أعمال يدعم اقتصادها، ويستغل اسمه وثروته من أجل أن تبقى، فلن تموت، وإذا وجدت شاعرًا يؤمن بها ويحبها، وتكون هي البطلة في أشعاره فلن تموت، وإذا وجدت أرواحًا تعيش من أجل أن تبقى حتى وإن فقدوا حياتهم فلن تموت.

مهما حدث.. لبنان هي قلب ينبض في أعماقنا، نعم هي كذلك، وفي كل مرة نجد أن هناك أزمة تمر بها دولة، وهذا شيء طبيعي، ولكن في الأزمات هي الوقت الذي تعرف فيه مَن يُحبك ومَن يدَّعي أنه يُحبك، وكل ما حدث مع لبنان يمكن أن يحدث مع أي دولة في العالم، ولكن نحتاج أن نثبت حبنا للوطن في لحظة ألمه ودماره، وليس فقط في لحظة قوته ونجاحه.

@sahla_almadani