بشاير راضي الميل

النافذة ليست مجرد شكل هندسي، بل أسمى وأعمق من أن تكون مجرد فتحة في جدار كل مبنى هي الفتحة الفاصلة بيننا وبين الحياة، حيث إنها تجعلنا ننظر للجهة الأخرى من كل شيء، تفصل بيننا وبين كل ما هو خلفها بين ضوء وضوء آخر وبين شخص ومشهد أو لحظة وموقف، وبين ما هو خاص وعام وبين العتمة والنور وكذلك حاجز بيننا وبين الهواء في الضفة الأخرى وكل نافذة في حياتنا تفصل شيئا عن آخر ودائمًا تسمح لنا النافذة بالنظر منها للخارج.

ويرى العديد من المعماريين العالميين أن أهم عنصر معماري في أي مبنى النافذة وهي أول شيء يترك انطباعا في نفس زوار المبنى حيث إن الجدار بدونها فاقد للعديد من الميزات مليء بالصمت مغلق وفاقد للمسافة والوقت، والأبنية التي بلا نوافذ هي مجرد كتل خرسانية صمّاء.

وربما لا تعود أبنية، إذا لم تتخلّلها نوافذ وكما تمثل النافذة جزءا من كل مبنى كذلك العيون هي لغة كل إنسان حيث تعبر عما لا يستطيع الإنسان التعبير عنه وتترجم دواخل النفس البشرية وما تخفيه الروح عن العالم فمن خلال العيون تستطيع أن تفهم التصرف وأن تفسر الصمت الذي خلفه ضجيج، تستطيع أن تجمع كل طاقة القلب في نظرة واحدة ويمكن للعين أن تروي ألما وأن تشرح حبا وأن تحمل أسوأ المشاعر والمرارة التي يعاني منها القلب في نظرة، وتحمل أسى الأيام، وتتحدث بدون ألفاظ ينطق بها اللسان، وأن تقول في لمحة واحدة ما يظل اللسان يرويه في ساعات أو في أيام وتعبر عن العديد من المشاعر وكل ألم مبطن بداخل أي إنسان، ونستطيع تلخيص الإنسان ومعرفة مشاعره من خلال عينيه، لذلك العين هي نافذة الروح ومرآة القلب تعكس المشاعر الداخليّة التي تستوطن المرء وتملأ أعماقه، وتشرح إحساسه في العديد من المواقف وتترجم مشاعره الخاصة التي يُكنها بداخله، فتُظهر انزعاجه وارتياحه، أو إعجابه وكرهه وحتى اضطرابه وحزنه وإحباطه وأمله وسعادته، خوفه وقلقه وغيرها من الأحاسيس المُعقّدة التي تكشفها نظرات عينيه بعفويّة دون إدراك، فالعينان كالسحر تفصح عن كل ما يصعب شرحه ونظرات العيون لها جمال غير مألوف وقصص ترويها وكما قال عبدالله المقحم..

وإذا العيونُ تحدثت بلغاتـها

‏قالت مقالًا لم يقله خطيـبُ

@beshx59