غدير الطيار

نعم من أعمارنا سنوات تنقضي ولكن في مكامننا الكثير والكثير حول ما قدمناه وما سوف نقدمه وحقيقة إن أول ما يجب أن يلفت انتباهنا السرعة العجيبة، التي مرت بها هذه السنة، فبالأمس القريب كنا نستقبل هذا العام، وها نحن وبهذه السرعة نودعه، وفي هذا ما يدل أولي الألباب على سرعة انقضاء الأعمار، وسرعة فناء هذه الدار، كما قال العزيز القهار: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} [آل عمران:190].

لقد ودعنا عاما مليئا بالإنجازات، مليئا بالأفراح تارة وبالأحزان تارة وها هو العام قد أقبل. حيث تمر اللحظات علينا بالكثير من التفاؤل، وفي قلوبنا أحلام وأمانٍ بأيام أفضل وأشياء أروع. الكل يتمنى أن يكون هذا العام عام خير للجميع، فمثلا المعلم والموظف والصغير والكبير يتمنى عاما مليئا بالإنجازات والأماني، التي طالما سعينا إليها والأمنية عندما نسعى إلى تحقيقها لأننا نريد الرضا عن أنفسنا وأننا حققنا شيئا في عامنا ولكن هناك سؤالا يخالجني؟

مَن منا كامل في كل شيء؟

مَن منا راضٍ عن نفسه؟

مَن منا حقق لنفسه ما يريد؟

هناك الكثير يجيب عن هذا السؤال بأنه لم يحقق شيئا، أتدرون لماذا؟

لأننا ببساطة بشر نخطئ ونصيب، وبداخلنا الكثير من التناقضات لم نفهمها بعد، وتلك الأماني التي ما زالت في طور الأحلام وكل منا متلهف أن يحقق أمانيه في حياته لتصبح أفضل مما هي عليه، ولكن الكثير يقفون عاجزين عن تحقيق ذلك، فكيف نغير حياتنا للأفضل إذن؟ وما هي الطرق والأساليب المتاحة لتحقيق ذلك؟ قد يكون الأول والأخير أنه يجب -على الإنسان قبل كل شيء أن يحصي جميع السلبيات والعادات السيئة في حياته، ويضع بالتالي الحل الإيجابي النقيض لكل سلبية، وعليه أن يحاول -على الأقل- وقدر المستطاع من تقليل وحسر هذه السلبيات حتى الحد الأدنى كذلك الاستفادة من كل أخطاء الماضي والحرص على عدم تكرارها، وتجنب كل مسبباتها. وتعزيز الثقة بالنفس، والنظرة التفاؤلية للحياة وللمستقبل نعم كل منا يريد أن يرى نفسه أفضل الناس وفي أحيان كثيرة لكي نصل لمرحلة التغيير، التي نرغبها نضحي بالكثير والكثير جدا ودون أن نشعر نخسر الكثير أحيانا، وذلك من أجل التغيير والرضا عن النفس علاقتنا مع بعضنا محتاجة إلى التغيير للأفضل ما نسعى إليه هو أن نتغير من أجل أنفسنا وتحقيق ذاتنا أولا وأخيرا ألسنا ننزعج كثيرا في علاقاتنا مع الآخرين وتغير البعض لاسيما عندما يتغير متحابين مثلا، حيث الألم والمعاناة والإحباط من نصيب طرف أحدهما فما هو هدف هذا الطرف المظلوم أليس هدفه البحث عن الأساليب الناجحة لتغيير سلوكيات الطرف الآخر ليعيده كما كان أو على الأقل تخفيف من حدة هذا التغيير السلبي؟ ونقيس ذلك في حياتنا اليومية في المنزل والعمل وتعاملنا مع الآخرين ومدى تأثير ذلك على نفسيتك ومشاعرك وعلى أعز ما تملك كبرياؤك وكرامتك! أليس هذا هو الواقع؟ المشكلة ليست فينا نحن فنحن ربما قادرون على تغيير أنفسنا ولكن المشكلة في عدم قدرتنا على تغيير مَن هم السبب في ذلك لا نملك سوى الدعاء لهم، ما يتعبنا في التغيير أننا نريده بسرعة وبالصورة التي نصورها لأنفسنا متناسين أن التغيير هو مسألة وقت، خاصة ذلك المرتبط بالسلوك غير المرغوب المراد تحويله إلى سلوك إيجابي. ما أريد قوله إننا إذا أردنا من إنسان تغير ما في سلوكه علينا ألا نستعجل عليه وأن نعطيه الوقت الكافي لذلك هذا ما نواجهه كثيرا في حياتنا؟ في مقالي هذا دعوة لأن نغير من سلوكياتنا وأساليبنا وطريقة حياتنا كي تتغير للأفضل، نعم نسعى للتغيير ولكن ما قيمته؟ إذا لم يكن هناك مَن يستحقه نعم يكون للتغيير جمال خاص عندما يكون هناك مَن يستحقه، مَن يعرف قيمته ويثمنه؟

وكما قال الله تبارك وتعالى {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} صدق الله العظيم، فلتكن نيتك صافية ونقية وصادقة وحاسمة لتغيير سلوكيات حياتك إلى الأفضل، وسوف تتغير إن فعلت ذلك. اقرأ: كيف تغير سلوكياتك وطبائعك للأفضل، كيف تغير روتين حياتك، كيف تكسب مَن تحب، كيف تصل إلى قلبه؟ الكل يريد ويتمنى، في كل مجال من مجالات الحياة، ونحن نتمنى عاما أجمل وأفضل لي وللجميع، عاما نقضيه في لحظات نستطيع أن نعتبرها ذكريات سعيدة بعد عام.

ونقول كل عام وجميع مَن نحب بخير.

اللهم في هذا العام لا تدع لنا أمرا إلا يسرته ولا حلما إلا حققته، ولا أمنية إلا أسعدتنا بالعيش في جمال واقعها.

@Ghadeer020