سعيد البجالي

لم تعد الشهرة طريقا صعبا وحكرا على المبدعين والمجتهدين، ففي الوقت الحاضر أصبح طريقها سهلا، وممهدا، ومجالها واسعا لكل من هب ودب، فكل مَن يحمل في يده جهازا يستطيع أن يصبح مشهورا بلا تعب أو بذل، فقط ما عليه سوى ضغطة زر حتى تصل تفاهاته وثرثرته إلى الملايين من البشر دون حياء أو خجل بكل أسف، وقد يقع اللوم على بعض المتابعين الذين جعلوا من أولئك الأشخاص «مشاهير» حتى تسيدوا الساحة وقدموا لنا التفاهات واللغة الغوغائية في أسمى صورها، دون التفكير في عواقب تلك الأفعال المشينة، الذي يندى لها الجبين خجلا، وتأباها تعاليم ديننا وقيمنا وعاداتنا، وما يزيد الأمر استغرابا لدى الغالبية هو ارتفاع أسهمهم في سوق الدعاية والإعلانات وحتى بعض القنوات الفضائية صارت تتنافس فيما بينها للظفر بهم وظهورهم عبر شاشاتها.

فأين هم من أولئك المشاهير؟! الذين حفروا الصخر بأظفارهم، وشقوا طريقهم نحو النجاح، والتألق، ونالوا شهرتهم من خلال إبداعاتهم، وعلمهم، واتساع معرفتهم، ومحتواهم الرفيع، حتى وصلوا إلى النجومية وأثروا ذائقة المتابعين خلف الشاشات بما ينفعهم في دنياهم وأخراهم.

هناك عدد من المشاهير يجبرونك حقيقة على احترامهم، ومتابعة ما يقدمونه عبر حساباتهم المختلفة من مقاطع، وفيديوهات فيها الكثير من الفوائد والعبر كالذي يقدم دروسا وقصصا وروايات، أو الذي يثري الساحة بمعلومات قيمة، ونيرة في شتى مجالات الحياة، وغيرها من الأمور التي تعود على المتابع بالنفع والفائدة، وهؤلاء جديرون بالتقدير، والاحترام، والمتابعة.

ختاما

البعض من أصحاب التفكير السطحي يعتقدون أن حياة المشاهير كلها نعيم، ورفاهية لا يشوبها شائبة، ولا يعكر صفوها أي منغصات للحياة، فتجد ذلك المتابع الذي امتلأت حياته بالمشاكل والهموم الأحزان يصدق كل ما يعرض أمامه دون معرفته بما يجري بعيدا عن الكاميرا، فلا حديث في مجلسه إلا عن أولئك المشاهير وعن أوضاعهم المالية، بل وصل به الحال إلى الهوس في تتبع أخبارهم، وذلك لشغفه، وتغلغله في تفاصيل حياتهم الخاصة، حتى أصبح قابعا في وكر همومه وأحزانه، ولا يرضى بأي حياة أرادها الله له، إلا أن يكون مثلهم أو يعيش أبد الدهر في بؤس وكآبة.

saeedalbgali