محمد حمد الصويغ

أفكار وخواطر

لا أظن أن الدراسة النقدية لأي خطاب شعري قد تعتمد على عنصر فني بعينه لتبيانه، ولا على فكرة الانزياح المعيارية، ما دامت اللغة في حقيقتها تنشطر إلى لغتين: مكتوبة وشفهية، أو إلى مفردات جماعية وأخرى فردية، وهذا يعني كنتيجة مباشرة أن الشعر لا يوجد في معنى الكلمات، بل ضمن الخطاب بمجمله، أي ضمن مسارات نصية، وأشكال فنية ذات ارتباط وثيق بذخيرة إبداعية وذائقة جمالية يمكن بهما الوقوف على مسارات الشعر كصيغ واضحة لدلالات نوعية، فالخطاب الشعري في هذه الحالة تحديدًا ينقل الممارسة الفعلية من ثنائياتها المعهودة كالشكل والمحتوى إلى أسبقية الخطاب بكامله، على اعتبار أنه يرمز إلى ملفوظ شعري داخل هيئة نصية تسمى دلالية أي أن المعنى ودلالته معًا لا يكمنان في العبارات المفردة بما يقود إلى القول إن الكلمات في حد ذاتها لا تدل على حقائق فنية يجسِّدها النص، بل هي صيغة نوعية للدلالة على ذات الشاعر.

وعطفًا على هذا الطرح فإن الخطاب الشعري يعرض الذات واللغة معًا وفقًا لما يجيء في النص وما يستقر نسقه عليه، فهو - أي النص - لا يقتصر على أدلة تقود إلى معرفة ملامحه فحسب، بل تقود إلى معرفة خصائصه بالشروط المحددة لمضامينه، وهذا ما يُكسبه سلسلة من التلوينات والظلال التي تنعكس بالضرورة والنتيجة على أهدافه المتباينة كما هو الحال مع اللسانيات التي استفادت التنظيرات منها بشكل أو بآخر؛ لما لها من علاقة مباشرة بالمفاهيم الإجرائية للتحليل النصي وتداخلاته، وهذا يعني أن العملية في جوهرها تعطي اللون الأخضر لتداخل النصوص ضمن الثقافة العامة، وبما أن النص الشعري هو جزء من اللسان فهو يهدف إلى بناء الدلالية المنشودة، على اعتبار أنه وحدة دالة على الخطاب من جانب، وعلى مسارات اللسان من جانب آخر.

mhsuwaigh98@hotmail.com