وبينت قارئات وكاتبات لـاليوم كيف تهيئ القراءة والكتابة عقل الإنسان للإبداع والفهم وتكوين الشخصية والاطلاع على التوجهات المختلفة للانطلاق في ميادين الأدب.
وتنوعت أحاديثهم وتعليقاتهم بين قضايا الكتابة المختلفة والصالونات الثقافية وتطور أساليب القراءة والكتابة في العصر الحديث.
الكتابة حديث النفس وتواصل خفي
قالت الكاتبة هدى الناصر إنه في عالم الأدب لا يُطلب من الكاتب إلا الصدق، فهي حديث النفس إن شاء رفع الصوت أو لا، مؤكدة أنه على القارئ الحذر والوعي عند تلقي التجربة التي يقدمها الكاتب.
فيما بينت الكاتبة والمؤلفة غيداء العويد: تأسرني فكرة التواصل مع أشخاص لا أعرفهم، لكني مع ذلك أتواصل معهم عن طريق كلماتي التي حكتها بعناية؛ لتكون أردية جميلة للأفكار والمعاني المختلفة، وبالتالي تُؤدي إلى إحداث تأثير إيجابي مهم وكأنني هنا أتمثل مقولة الروائي المصري الراحل يوسف إدريس: أن تؤلف كتابًا، أن يقتنيه غريب، في مدينة غريبة. أن يقرأه ليلاً، أن يختلج قلبه لسطر يشبه حياته، ذلك هو مجد الكتابة.
وأشارت إلى أن الأدب يعمق ويعزز فهمنا وإدراكنا لأنفسنا والحياة والوجود من حولنا.
القارئ العربي في ميدان الرواية والأدب
المؤلفة نعيمة الحسيني أشارت إلى حاجة القارئ العربي لما ينعش روحه ويفتح له آفاقًا كبيرة في عقله، ويؤثر بشكل إيجابي عليه، ليضيف لها مهارة جديدة أو خبرة في مجال ما، أو يمنحه ثقافة لغوية أو تجارب ثرية؛ فلا بد أن يكون الأدب لهدف، إما هدف مهاري أو إثرائي أو ثقافي.
وعبرت القارئة أشواق الشمري أن القراءة حياة أخرى تمدنا بجسور عديدة مع ثقافات وخبرات ومعارف مختلفة وقد تكون الملاذ الآمن، فنجد المتعة بصحبة كتاب، كما تثري برصيد لغوي يجعلنا قادرين على المناقشة والتحليل مما يطور وينمي شخصياتنا ويجعلنا أكثر ثقة في تفاعلنا الاجتماعي والمهني.
وأوضحت أن شخصية القارئ توجهه للكتب كما أنها تصنع له التوجه، مبينة: عندما كنت أحصر نفسي في قراءة كتب السيرة والتاريخ لتخصصي بها، جاءت فكرة التنويع في القراءة ووجدت نفسي بين كتب الأدب والفكر والفلسفة، واكتشفت أن القراءة في التخصص وحده لا تكفي، وأن التنويع يجعل لك صوتًا في كثير من وجهات النظر وكذلك يصنع الإنسان المتوازن ثقافيًا.
وفي التأثير الإيجابي، أشارت الشمري أن تجربة القراءة الواعية والمنهجية تنعكس على سلوكياتنا وأفكارنا وطريقة حياتنا وتصنع هذا الأثر والفرق، مؤكدة على تجنب النهج الزائف طمعًا بالألقاب والمظهر المثقف.
من جانبها، شرحت القارئة وفاء بنت صديق إلهام القراءة أنه عند ولوج الإنسان هذا العالم تحدث تحولات كثيرة في مفاهيمه، وآرائه، وقناعاته، فتكسبه سعة أفق، ودرجة عالية من النضج نتيجة سبر أغوار النفس البشرية، وتأمل العقل البشري من خلال التجارب المتنوعة، والأفكار الإبداعية المطروحة.
ووصفت بنت صديق علاقة القارئ بالكتاب بـالمعقدة والمتداخلة، موضحة أن كل طرف يؤثر على الآخر.
ولفتت إلى أن ميول القارئ تدفعه لأنواع معينة من الكتب، وبالمقابل لن يكتشف شغفه إلا من خلال الاطلاع الشامل، وألا يقتصر في مجال محدد.
أما القارئة غادة الهوساوي، فبينت أن القراءة تساعدنا على فهم الواقع بشكل أكبر، وتوسع أكثر من منظورنا تجاه الحياة.
كيف نكون قراءً أفضل؟
نصحت القارئة والشاعرة نجوى جساس، قارئ الشعر المبتدئ، باصطحاب المعاجم اللغوية التي تمده بمفردات واشتقاقات تزيد الرغبة والشغف في التعرف على المعاني والإيحاءات وسر استخدام اللفظ دون غيره.وقالت إنه على القارئ أن ينتقل تدريجيًا من مرحلة فهم المعنى الابتدائي، إلى الفهم النقدي والإبداعي وهو ما يسعى إليه القراء في كافة الميادين، وبالمداومة على هذا النهج؛ سيقل الاعتماد الكلي على المعاجم.
وأضافت: يقال: إن في السفر فوائد جمة، وأظننا نحن قراء الشعر والأدب محظوظون جدًا بالسفر الدائم، وحسبنا من سفرنا هذا متعة ترافقنا في كل رحلة، فكم عدنا من رحلاتنا مرتقين بأفكارنا، أثرياء بمهارات لغوية وخيالية وإبداعية وكتابية وحياتية وتواصلية، فكل منا قد تضيف إليه قراءة الشعر والأدب مهارة مختلفة.
ولكي يستعيد القارئ شغفه؛ أخبرت القارئة لمياء العمودي أنه عندما تنهك القارئ متطلبات الحياة يكتفي من القراءة، فيلزم حينها أن يترك لنفسه هواها لفترة، ويلجأ إلى التغيير على مختلف الأصعدة، سواء بنوعية الكتب أو المكان او نوعية مجتمع مناقشة الكتب، مؤكدة : إن من ذاق حلاوة القراءة سيتوق إليها ،وصدقا سيرجع إليها بقوة.
فيما بينت غيداء العويد اكتشافها قابلية التغيير والتحسين والتطوير في نفسها عن طريق القراءة التأملية في كتابات الآخرين وتجاربهم.
وليستفيد القارئ من الأدب والرواية بجانب الترفيه، نصحت القارئة بدرية الصعب عدم الاكتفاء بالجانب الترفيهي دون غيره، حيث تهدف مؤلفات أبرز وأشهر الكتاب إلى صنع الوعي، وتسليط الضوء على مواطن الجمال في الحياة، فالرواية تتفوق على غيرها لأنها تجمع المعرفة بالمتعة، وتجعل تجارب الآخرين تلامس أرواحنا، وتوقظ ضمائرنا، كما أنها تجعل الخيال يزهر لدينا.
وبينت وفاء بن صديق، أننا نصبح قراءً أفضل بـالقراءة الفعالة، وهي التي ترتكز على وضوح هدفنا الشخصي من القراءة، ووضع خطة مناسبة نلتزم بها؛ لتحقيق مانريده.
وأوضحت أنه إذا لم تترك القراءة أثرا بارزا في أعماقنا ظاهرا في أفكارنا وتصرفاتنا وأقوالنا فقد خرجت عن هدفها المنشود.
«الصالون الثقافي».. ترسيخ وإثراء
الصالون الثقافي أو الأدبي هو فضاء يخصص لمجموعة من الأدباء والفنانين وأهل المعرفة والثقافة لأجل النقاش وتبادل المعارف الأدبية والتاريخية والعلمية وغيرها.
وبينت هدى الناصر -قائدة الصالون الثقافي رفقة فكر الذي تأسس عام 2014-، أن للتطوير اللوجستي أهمية كبرى في دعم وتطوير الصالونات، لما للقراءة الجماعية من دور في تنمية ثقافة القارئ و معارفه، وتعلمه آداب الحوار ، والثقة بمواجهة الجمهور أثناء إدارة اللقاء، والتدرب على التقاط المحاور المهمة من الكتاب وصياغتها، والتعلم بالمحاكاة ثم الإبداع، و خلق أسرة جديدة متآلفة.
من جانبها، أوضحت القارئة الهوساوي، أهمية التوسع و التنوع في الصالونات الثقافية ما يسمح لنا برؤية مجموعات أدبية تناسب فئات عمرية مختلفة، مشيرة إلى أن القراءة الجماعية تثري معرفة القارئ، وتوجهه لجوانب أخرى لم يعيها وتحسن من بعض وجهات النظر التي كان يؤمن بها.
فيما أشارت القارئات إلى حاجة تفعيل دور الصالون الثقافي وتقديم الدعم المجتمعي اللازم لاستمراره؛ من خلال توفير أماكن عامة للقاءات وتسهيل سبل التواصل مع جمهور القراء وإشراك الصالون في المناسبات العامة.
ووصفن الصالونات الثقافية بـالمبادرات الفردية والتي تحتاج إلى دعم منظم ومخطط من الجهات المعنية لزيادة رقعة انتشارها، عبر تفعيل دورها في مكتبات المدارس والجامعات والأماكن العامة.