د. ولاء عبدالله

الإيجابية المفرطة في التفكير ظاهرة أصبحت منتشرة وهي خطيرة جدا على صحتنا العقلية والنفسية، لا يمكن أن يشكك عاقل في أهمية التفاؤل والتفكير الإيجابي وآثاره الإيجابية على الصحة النفسية والجسدية، لكن مؤخرا تم الإفراط في مفهوم الإيجابية من قبل بعض مدربي التنمية فتحول مفهوم الإيجابية الذي كان يعبر عن الرضا والتفاؤل إلى إيجابية سامة أدت إلى الانفصال عن الواقع وأسهمت في الكثير من المشاكل النفسية.

من المهم أن نفهم أن الإيجابية المفرطة هي قشرة رقيقة تغطي تحتها طبقه أعمق من الخوف والسلبية وانعدام الأمن وأحيانا الإيجابية المفرطة تغذي «ذات متعجرفة» تعتقد أنها فوق كل شيء سلبي وتترفع عن الحزن والضيق الذي يثقل كاهل الآخرين.

سمات تدل على أنك تمارس إيجابية مفرطة في التفكير:

١. إخفاء وكبت المشاعر الحقيقية خصوصا السلبية والمنخفضة.

٢. المضي قدما وتجاهل المشاكل ورفض وتجاهل المشاعر السلبية الناتجة عنها.

٣. الشعور بالذنب تجاه مشاعر (الخوف، الغضب، الحزن) والشعور بالخجل من التعبير عن مشاعر الإحباط.

٤. التقليل من مشاعر الآخرين ولومهم واتهامهم بعدم الكفاءة لعدم قدرتهم على التفكير الإيجابي.

آثار الإيجابية المفرطة:

1. تسطيح التجربة البشرية التي تقوم أساسا على تراكم الخبرات الشعورية للإنسان.

2. عدم القدرة على مواجهة المشاعر الصعبة مما يعوق تعميق البصيرة والنمو العاطفي للأفراد.

3. فقدان الاتصال بالواقع وعدم التأكد من صحة التجربة العاطفية.

4. الكبت العاطفي مما يؤدي إلى تراكم المشاعر السلبية وصعوبة تحديد المواقف وما تنتجه من مشاعر مختلفة.

5. افتقار العلاقات الاجتماعية للجودة نتيجة فقدان التعاطف الحقيقي والاكتفاء بالدعوة للتفكير الإيجابي والنظر لنصف الكوب الممتلئ.

6. الخوف من المشاعر السلبية يجعلك ترضى بأنصاف الحلول وأنصاف الإنجازات وتقف على حافة الحياة.

طبعا ليس الغرض من الحديث أن ننغمس في مشاعر سلبية وإنما أن نفهم أن العواطف جزء أصيل من تجربتنا البشرية ويجب أن نعيشها بدون تجاهل لأن المشاعر لم تخلق عبثا بل ان كل شعور له دور ورسالة في حياتك فاسمح له بالتواجد واعترف به دون أن تعلق أو تتورط في مشاعر محددة فتصبح السمة الغالبة على حياتك مع التأكيد على أن الاتزان هو من السنن الكونية الهامة فالإفراط حتى في الشيء الإيجابي يحوله إلى شيء ضار.

موجهات عامة للتعامل مع المشاعر:

١. الحياة خليط من المتعة والألم فاسمح لنفسك بعيش كامل التجربة وامنح نفسك الوقت والمساحه لتخطي الصعاب.

٢. استجلِ مشاعرك في المواقف المختلفة بصورة جيدة ولا تعمل على إخفائها عن نفسك أو تجاهلها حتى لا تنفجر بشكل مفاجئ في أوقات غير مناسبة.

٣. اظهر التعاطف والدعم المعنوي الحقيقي للمحيطين بك وحاول مد يد العون والمساعدة دائما بدلا عن التنظير وتأنيب الآخرين على مشاعرهم.

٤. لا تنخدع بما يصوره الآخرون ويكتبونه على المواقع فكلها مشاهد انتقائية يصدر فيها الشخص لحظاته السعيدة والإيجابية لكن يومه مليء بكل أنواع المشاعر كيومك!

@Walla Gassim