هل انقرض الوفاء والأوفياء في هذا الزمن؟ حدث نفسك لتستدر حكمة الجواب، ولكن بعد التأكد من حمل بطاقة وفاء سجل حياتك في مشوار تمددها نحو المستقبل. هل أنت وفي؟ طرحت هذا السؤال على نفسي كمقدمة، وأترك الجواب لمعارفي. مع مثل هذا السؤال لا نحتاج مراجعة بنوك المعرفة التي نسمع عنها في الغرب. نحن بنوك معلومات متحركة، ورغم ذلك نلجأ إلى جنيّة العرب المرافقة لكل فرد، فهي تسمح وتمنع التواصل مع النفس. جنيّة تمارس الشيء ونقيضه، وترفع شعارا مغالطا يقول: اسأل روحك؟ انتبهوا هذا كمين فالروح غير النفس.
إذا تعطل التواصل مع الجنيّة، تجنّبوا المكتبات الثقافية، والعلمية، والتاريخية، والاجتماعية، والسياسية، نتائجها وعرة ومهلكة، ومتعبة على العقل العربي. تجنّبوا أيضا حٌفر مصائب الماضي والحاضر. الأفضل -كبديل- اللجوء إلى مكتبات الأغاني العربية. لا تحمل سوى ملفات المشاعر والإبداع في وصفها، وتعظيم أمرها.
جميل أن يكون للمشاعر العربية مكتبات أغان. فأصحابها أكثر شهرة من مؤلفي الكتب التي تحمل حقائق جعلها العرب مٌرّة على النفس. عليكم القياس على أنفسكم، فكل فرد عربي مؤلف لنفسه ومشاعره، خاصة البطل الذي أسس مثل تجنب الحقائق الشهير: (أصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب)، حتى لو حمل هذا الغيب الموت وأطنابه. ثم تنادوا قائلين: (خذ بيوم السعد حدّه).
وجدت نفسي -بعد هذا العمر- شاهدا حتى على أشياء لم أرها. قضيت أكثر من ستة عقود على طريق الفرجة بخطيها الإيجابي والسلبي. كنت في وضع المتفرج والمتفرج عليه. كنت أقول لنفسي: عظمة على عظمة يا ست. فهل نفوسنا مذكر أم مؤنث؟ تجنبوا التفكير في هذا الأمر وغيره، فالتفكير آفة عند أختنا جنيّة العرب.
فأتحدث عن تجربتي مع الناس. وجدت البعض يسمع ويتجاهل. يقرأ ولا يتعلم. يرفع الشعارات الإيجابية ولا يطبقها. يشاهد ويتعامى. نعيش في مسرح الشيء ونقيضه. وتظل قضيتنا مع النفس أم العقد والمشاكل، ومنبع الخيال والشك. وقد وصفنا الله -كبشر- بقوله: (ولكن أنفسكم تظلمون). لاحظوا بأن الله لم يشر إلى الروح، لكن جنيّة العرب تخطت هذا وجعلت للروح حديثا.
وعن بنوك الأغاني ودرجات تنوعها، أعرف أن البعض تشبع بقناعة أنها تضييع للوقت، وهذا أقل الأضرار التي نشروها عن الأغاني. وضربوا مثالا بأغاني أم كلثوم، فجعلوا (الست) تقول لكل عربي: اسأل روحك. وكررتها برفقة نغمات آلات موسيقية لتأكيد قوة وأهمية وهيمنة مفعولها عن طريق (أكلك منين يا بطة)، كما تقول الست صباح. رحمهما الله، نشرن أكسير الحب في الوطن العربي، وليتهن حققن النجاح.
في حملة مضادة تساءلت: عن أي وقت يتحدث العرب؟ فكل وقتهم ضائع في متاهات الحياة التي خلقوها لأنفسهم، وأعتقد أن هذا أحد أسباب بقائهم وشهرتهم. يتحدثون عن أهمية هذا الوقت كوجاهة. والدليل أنهم يجتثون الأشجار ويقطعونها وهي تمثل مخزون الوقت الذي يتحدثون عنه.
أيضا وجدت من خلال رصدي المتواضع لهذه الأغاني خلال العقود الستة الماضية من عمري المديد بعون الله، أن أكثر الأغاني تتحدث عن غياب مشاعر الحب والوفاء عند المحبين. هكذا جعلوا الحياة العربية مسرحا للحب العربي. يا لروعة العرب. الحب هو ما يميز منهجهم في الحياة. إن أحبوا شيئا عظموا شأنه حتى وإن كان فيه حتفهم. هل سمعتم عن أمة -غير العرب- تقول: (داوني بالتي كانت هي الداء). الله أكبر.. أي مسعى يطمحون لقيادة العالم إلى مسرح الحب الذي يعرفون؟
حتى الأرض يفضلها العرب جافة وصحراء قاحلة، خالية من الغطاء النباتي ليتمكنوا من رؤية ومسامرة القمر في سماه. أخيرا انتقلوا بالتقنيات إلى المياه الجوفية فاستنزفوها حبا في خرير الدراهم في الجيوب تطبيقا لشعارهم الملهم: (خذ بيوم السعد حدّه). أي جنون يا جنيّة العرب؟ جعلتنا نتحدث إلى الروح بدلا من النفس. الحديث مع الروح حديث مع الموت.
twitter@DrAlghamdiMH
إذا تعطل التواصل مع الجنيّة، تجنّبوا المكتبات الثقافية، والعلمية، والتاريخية، والاجتماعية، والسياسية، نتائجها وعرة ومهلكة، ومتعبة على العقل العربي. تجنّبوا أيضا حٌفر مصائب الماضي والحاضر. الأفضل -كبديل- اللجوء إلى مكتبات الأغاني العربية. لا تحمل سوى ملفات المشاعر والإبداع في وصفها، وتعظيم أمرها.
جميل أن يكون للمشاعر العربية مكتبات أغان. فأصحابها أكثر شهرة من مؤلفي الكتب التي تحمل حقائق جعلها العرب مٌرّة على النفس. عليكم القياس على أنفسكم، فكل فرد عربي مؤلف لنفسه ومشاعره، خاصة البطل الذي أسس مثل تجنب الحقائق الشهير: (أصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب)، حتى لو حمل هذا الغيب الموت وأطنابه. ثم تنادوا قائلين: (خذ بيوم السعد حدّه).
وجدت نفسي -بعد هذا العمر- شاهدا حتى على أشياء لم أرها. قضيت أكثر من ستة عقود على طريق الفرجة بخطيها الإيجابي والسلبي. كنت في وضع المتفرج والمتفرج عليه. كنت أقول لنفسي: عظمة على عظمة يا ست. فهل نفوسنا مذكر أم مؤنث؟ تجنبوا التفكير في هذا الأمر وغيره، فالتفكير آفة عند أختنا جنيّة العرب.
فأتحدث عن تجربتي مع الناس. وجدت البعض يسمع ويتجاهل. يقرأ ولا يتعلم. يرفع الشعارات الإيجابية ولا يطبقها. يشاهد ويتعامى. نعيش في مسرح الشيء ونقيضه. وتظل قضيتنا مع النفس أم العقد والمشاكل، ومنبع الخيال والشك. وقد وصفنا الله -كبشر- بقوله: (ولكن أنفسكم تظلمون). لاحظوا بأن الله لم يشر إلى الروح، لكن جنيّة العرب تخطت هذا وجعلت للروح حديثا.
وعن بنوك الأغاني ودرجات تنوعها، أعرف أن البعض تشبع بقناعة أنها تضييع للوقت، وهذا أقل الأضرار التي نشروها عن الأغاني. وضربوا مثالا بأغاني أم كلثوم، فجعلوا (الست) تقول لكل عربي: اسأل روحك. وكررتها برفقة نغمات آلات موسيقية لتأكيد قوة وأهمية وهيمنة مفعولها عن طريق (أكلك منين يا بطة)، كما تقول الست صباح. رحمهما الله، نشرن أكسير الحب في الوطن العربي، وليتهن حققن النجاح.
في حملة مضادة تساءلت: عن أي وقت يتحدث العرب؟ فكل وقتهم ضائع في متاهات الحياة التي خلقوها لأنفسهم، وأعتقد أن هذا أحد أسباب بقائهم وشهرتهم. يتحدثون عن أهمية هذا الوقت كوجاهة. والدليل أنهم يجتثون الأشجار ويقطعونها وهي تمثل مخزون الوقت الذي يتحدثون عنه.
أيضا وجدت من خلال رصدي المتواضع لهذه الأغاني خلال العقود الستة الماضية من عمري المديد بعون الله، أن أكثر الأغاني تتحدث عن غياب مشاعر الحب والوفاء عند المحبين. هكذا جعلوا الحياة العربية مسرحا للحب العربي. يا لروعة العرب. الحب هو ما يميز منهجهم في الحياة. إن أحبوا شيئا عظموا شأنه حتى وإن كان فيه حتفهم. هل سمعتم عن أمة -غير العرب- تقول: (داوني بالتي كانت هي الداء). الله أكبر.. أي مسعى يطمحون لقيادة العالم إلى مسرح الحب الذي يعرفون؟
حتى الأرض يفضلها العرب جافة وصحراء قاحلة، خالية من الغطاء النباتي ليتمكنوا من رؤية ومسامرة القمر في سماه. أخيرا انتقلوا بالتقنيات إلى المياه الجوفية فاستنزفوها حبا في خرير الدراهم في الجيوب تطبيقا لشعارهم الملهم: (خذ بيوم السعد حدّه). أي جنون يا جنيّة العرب؟ جعلتنا نتحدث إلى الروح بدلا من النفس. الحديث مع الروح حديث مع الموت.
twitter@DrAlghamdiMH