د. أحمد الكويتي

نرى ونشاهد للأسف الشديد في واقعنا المعاصر الكثير من الشباب والفتيات يقومون بتضييع أوقاتهم في توافه الأمور والانشغال بوسائل التواصل الاجتماعي لدرجة كبيرة جدا قد وصلت عند بعضهم إلى الإدمان التقني فنجدهم يجلسون أمام الجوالات لساعات طويلة إما لممارسة الألعاب الإلكترونية أو متابعة رسائل البريد الإلكتروني التسويقية والتي لا قيمة لها أو غير ذلك من الأمور عديمة النفع والتي لا طائل من ورائها سوى ضياع الوقت والجهد فقامت باختراق العقول وتجاوز الكثير منها الخطوط الحمراء في ظل غياب وعدم الرقابة الكافية على محتويات وسائل التواصل فأخذت الكثير والكثير من أوقات الشباب وسحبت الكثير من أعمارهم في الأمور التافهة وربما عطلتهم حتى عن أداء ما افترضه الله عليهم من عبادات مما يؤثر بالسلب على سلوكياتهم. وهذا الواقع طال كذلك كثيرا من الرجال والنساء فيكاد يكون من المستحيل أن نرى من يقوم بتنظيم الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي أو يجعل نفسه مسيطرا عليها بالشكل الكافي.

ولهذا نرى أنه من الأهمية بمكان التبصرة بخطورة المحتويات التخريبية على عقولنا والترشيد والتوجيه الصحيح لقيمة الوقت وإثراء الساحة بالمنتديات والأنشطة النافعة التي لا تدع لأحد أن ينساق وراء تضييع أوقاتنا وتنظيم الحد من وسائل التواصل واستخدامها الاستخدام النافع المفيد الذي يطور سلوكياتنا وينميها فلا أحد يستطيع أن ينكر أن وسائل التواصل كذلك من الممكن إذا تم استخدامها الاستخدام الصحيح في متابعة البرامج الهادفة وقراءة الكتب الإلكترونية النافعة أن تصبح أكبر مصدر توعوي قادر على تجديد وعينا الثقافي والفكري.

إن معرفتنا بأهمية الوقت في الأعمال الجادة تتمثل في القدرة العالية على فهم الطريقة التي ننظم بها حياتنا وأعمالنا فهو الوسيلة الوحيدة التي تسمح لنا بالحصول على فرص كبيرة ومنظمة للتطوير الذاتي مع الكثير من الفعالية، أما تجاهل الوقت وضياعه في توافه الأمور وعلى وسائل التواصل فيحرمنا من وسيلة قيمة جدا، ويعرضنا لفقدان فرصة الاستثمار الأمثل للقدرات المساعدة على تحقيق أحلامنا الموجودة في العقل اللاواعي ذلك الجزء من الإنسان، الذي يمكنه أن يكون صديقك الوفي، لكن بإمكانه أيضا أن يكون عدوا لدودا في حالة ما إذا أهملت تنظيم أوقاته وضيعتها فيما لا يفيد على شاشات الجوال.

فإذا كان لديك رؤية وهدف تريد أن تعمل على تحقيقهما فهنا يصبح للوقت أهمية في إدارة حياتك وتحديد أهدافك لأنه هو الوحيد القادر على رسم خريطة أهدافك وإعطائك التحفيز والأمل فيما تريد أن تنجزه من أعمال وتقوم به خلال فترة زمنية معينة.

إن الوقت هو الذي ينظم ويحدد ويخطط المعالم المهمة التي تحتاج أن تحققها ويجعلك تلتزم بالوقت المطلوب لإنجاز العمل إما على المستوى اليومي أو خلال أسبوع أو شهر أو سنة على حسب طبيعة الأعمال التي تنوي أن تقوم بها، وهنا ستتمكن من الانطلاق في رحلتك لإدارة الأوقات بفعالية وستتمكن من أن تبقي جوالك بعيدا عنك أو في الوضع الصامت أثناء ساعات عملك. وليس معنى ذلك أن كل وقتك يكون لتطوير إنتاجيتك وزيادة مهاراتك وتنمية نفسك والجانب المهني فقط بل لا بد أيضا أن يكون لديك مزيد من الوقت الكافي للأسرة ومنحهم الاهتمام الذي يحتاجون إليه فوقت الأسرة مهم جدا لحياتك وله دور مباشر في التأثير على نجاحك المهني، وكذلك ممارسة الرياضة حتى لو مرة واحدة في الأسبوع وبذلك سيكون لديك إحساس أكبر بهدفك من خلال قدرتك على تحقيق التوازن بين العمل والأسرة.

وخلاصة القول نستطيع أن نقول بأن الوقت غير المستثمر وانشغالك بتوافه الأمور هو أكبر علامة تدل على أنك لا تضيف شيئا لإنتاجيتك الإجمالية في الحياة وأن حياتك ربما أصبحت في الاتجاه الخطأ وبعدت عن المسار والطريق الصحيح لأنه يجعلك تتنقل في الحياة بلا هدف أو خيار وحتى إذا كان لديك رؤية وهدف فبدون تنظيمها وجدولتها في أوقات محددة تجعلك تفقد الحرية في متابعتها فتفقد قيمتك العليا فلا تستطيع الحصول عليها.

@Ahmedkuwaiti