اليوم - الوكالات

انفجارات تهز «جزيرة القرم» وكييف تلمح إلى مسؤوليتها.. وموسكو: عمل تخريبي

لفت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الثلاثاء، إلى أن الوضع في العالم يتغيّر بشكل ديناميكي، مشيرًا إلى اختيار المزيد من الدول والشعوب طريق التنمية السيادية، فيما أعلن وزير دفاعه أن العمليات العسكرية الخاصة التي أطلقتها بلاده في أوكرانيا مثلت نهاية لعالم «أحادي القطب».

وفي خطاب أمام مؤتمر موسكو الدولي العاشر للأمن، أشار بوتين إلى إصرار روسيا على تعزيز قواتها المسلحة، وغيرها من الهياكل الأمنية، واتخاذ خطوات من شأنها أن تساعد في بناء عالم أكثر ديمقراطية، يحمي حقوق جميع الشعوب، ويضمن التنوع الثقافي والحضاري لها.

وتابع بوتين: «إن الغرب يحاول إجبار الدول المستقلة على الانصياع لإرادتها، والحياة وفقًا لقواعد الآخرين من أجل الحفاظ على هيمنته والتطفل على تلك الدول، حيث تتدخل الولايات المتحدة وأتباعها بشكل صارخ في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة، وينظمون الاستفزازات والانقلابات والحروب الأهلية والتهديدات والابتزاز والضغوط والإملاءات»، وقال: «إن زيارة بيلوسي لتايوان ليست مجرد رحلة فردية لسياسي غير مسؤول، بل هي استعراض وقح لعدم احترام سيادة الدول الأخرى».

تعدد الأقطاب

وقال بوتين: «من الواضح أنه من الممكن تقليل التوتر في العالم، والتغلب على التهديدات والمخاطر في المجالين العسكري والسياسي، وزيادة مستوى الثقة بين البلدان وضمان تنميتها المستدامة فقط من خلال تعزيز نظام العالم متعدد الأقطاب بشكل جذري»، مؤكدًا أن نموذج العولمة الحالي محكوم عليه بالفشل، بغض النظر عن مدى تمسك المستفيدين منه بالوضع الراهن، وأكد على أن روسيا سوف تعمل جنبًا إلى جنب مع حلفائها وشركائها والدول ذات التفكير المماثل على تحسين الآليات الراهنة للأمن الدولي وإنشاء آليات جديدة.

وعن حرب أوكرانيا، أشار بوتين إلى أن بلاده بدأت عمليتها العسكرية الخاصة بما يتفق تمامًا مع ميثاق الأمم المتحدة، حيث كانت أهداف العملية محددة بوضوح ودقة، وهي ضمان أمن الدولة والشعب الروسي، وحماية سكان دونباس من الإبادة الجماعية.

وفي السياق، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويجو، في كلمة أمس الثلاثاء خلال ذات المؤتمر الذي يُعقد في إطار منتدى «الجيش 2022» في موسكو: «بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا يمثل نهاية عالم أحادي القطب، أصبحت تعددية الأقطاب واقعًا وحقيقة، وقد تحددت أقطاب هذا العالم بوضوح».

وأشار شويجو إلى أن الفرق الأساسي بين تلك الأقطاب يكمن في أن بعضها يحترم مصالح الدول ذات السيادة، ويأخذ في الاعتبار الخصائص الثقافية والتاريخية للدول والشعوب، بينما يتجاهلها البعض الآخر، وأوضح أن التكهنات بشأن خطط بلاده المزعومة لاستخدام الأسلحة النووية هناك «كذبة مطلقة»، واستطرد بالقول: ولا داعي من وجهة نظر عسكرية لتوجيه ضربة نووية لأوكرانيا.

إصلاح خط سكة حديد تضرر بانفجارات قرب «أزوفسكوي» في شبه جزيرة القرم (رويترز)


الحرب الباردة

ومن أهم ما ورد في تصريحات الوزير الروسي، التي نقلتها «أر تي عربي»، أن الوضع الأمني في أوروبا ​​أسوأ مما كان عليه في ذروة الحرب الباردة، لافتًا إلى أن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا بددت أسطورة «السلاح الفائق» الذي يزوّد الغرب كييف به، ويزعم أنه قادر على قلب المعادلة في الجبهة، حسب تعبيره.

وأضاف في الكلمة: إن عمليات الجيش الأوكراني تخططها الولايات المتحدة وبريطانيا وأن حلف شمال الأطلسي زاد من نشر قواته في شرق أوروبا ووسطها «عدة مرات».

وفيما يتعلق بمعاهدة «ستارت 3» للحد من الأسلحة النووية والموقعة بين روسيا والولايات المتحدة، قال شويجو: إن المحادثات لتمديدها «طريق ذو اتجاهين»، مشيرًا بناحية أخرى، إلى أن تكتل «أوكوس» الذي يضم أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة يمكن أن يتطور إلى «تحالف سياسي عسكري».

في غضون هذا، وقعت انفجارات، أمس الثلاثاء، في مستودع ذخيرة بشبه جزيرة القرم، التي ضمّتها روسيا، أدت إلى عرقلة خطوط السكك الحديدية، في أحدث واقعة من نوعها في المنطقة التي تستخدمها موسكو كنقطة انطلاق في حربها بأوكرانيا.

وأكد كبير ممثلي موسكو في المنطقة سيرجي أكسيونوف إصابة شخصين وتوقف حركة السكك الحديدية وإجلاء نحو ألفي شخص من قرية قريبة من المستودع العسكري، لكنه تجنب الحديث عن سبب الانفجارات.

وألمحت أوكرانيا إلى ضلوعها في الانفجارات، وهو إن صح يُظهر قدرتها على الضرب على مدى أعمق داخل الأراضي الروسية مما قد يغيّر من مسار الحرب المستمرة منذ ستة أشهر.

أعمال تخريب

إلى ذلك، قالت وزارة الدفاع الروسية، أمس الثلاثاء: إن الانفجارات بمستودع الذخيرة نجمت عن «أعمال تخريب».

وشبه جزيرة القرم الواقعة على البحر الأسود، التي سيطرت عليها موسكو وضمَّتها من أوكرانيا عام 2014 في خطوة لم تعترف بها معظم الدول، هي قاعدة الأسطول الروسي في البحر الأسود وتشتهر بأنها منتجع لقضاء العطلات في الصيف.

وتسببت انفجارات وقعت الأسبوع الماضي في قاعدة جوية عسكرية في مدينة نوفوفيدوريفكا على الساحل الغربي لشبه جزيرة القرم في حدوث أضرار جسيمة، ودمّرت عدة طائرات حربية روسية، ووصفت موسكو ذلك بأنه حادث على الرغم من أن الانفجارات المتزامنة في عدة أجزاء من القاعدة تركت حفرًا يمكن رؤيتها من الفضاء.

وأظهرت لقطات بثها التليفزيون الرسمي الروسي اشتعال النيران في محطة كهرباء فرعية بالقرب من بلدة جانكوي، أمس الثلاثاء، كما بث التليفزيون لقطات انفجارات كبيرة قالت السلطات: إنها نتيجة تفجير الذخيرة.

وقالت وكالة الإعلام الروسية: إن سبعة قطارات ركاب تأخرت، وإنه تم تعليق حركة السكك الحديدية على جزء من الخط في شمال شبه جزيرة القرم. وقد يؤدي ذلك إلى عرقلة قدرتها على دعم القوات في أوكرانيا بالعتاد العسكري.

ولم تؤكد أوكرانيا أو تنفِ رسميا مسؤوليتها عن الانفجارات، على الرغم من أن مسؤوليها رحَّبوا صراحة بالحوادث في المنطقة التي بدت حتى الأسبوع الماضي أنها آمنة تحت سيطرة موسكو وخارج نطاق الهجمات.

«بريف كوماندر» أول شحنة من المساعدات الغذائية الإنسانية المتجهة إلى أفريقيا تغادر أوكرانيا (رويترز)


تعطيل الروس

وبعد التقارير الواردة من مايسكوي، كتب ميخايلو بودولاك، مستشار الرئيس الأوكراني «نُذكر بأن شبه جزيرة القرم كبلد طبيعي مرتبطة بالبحر الأسود والجبال والترفيه والسياحة، لكن شبه جزيرة القرم التي يحتلها الروس مرتبطة بانفجار المستودعات وزيادة خطر تعرض الغزاة واللصوص للموت». وفقًا لوصفه.

وتهدف كييف إلى تعطيل خطوط الإمداد الروسية قبل شن هجوم أوكراني مقرر، وتقع مايسكوي على خط السكك الحديدية الرئيسي الذي يربط شبه جزيرة القرم بروسيا ويُستخدم لإمداد القوات الروسية في جنوب أوكرانيا.

وعلى غرار القاعدة الجوية، يقع مستودع الذخيرة خارج نطاق الصواريخ الرئيسية التي اعترفت الدول الغربية بتزويد أوكرانيا بها حتى الآن، مما يزيد من احتمال أنها اكتسبت قدرات جديدة.

ومع استمرار الحرب منذ 24 فبراير، انصب الاهتمام أيضًا في الأيام الأخيرة على القصف بالقرب من محطة زابوريجيا للطاقة النووية في جنوب أوكرانيا، وألقى الجانبان باللوم على بعضهما البعض فيما يتعلق بالمخاطر التي تتعرض لها أكبر منشأة نووية في أوروبا، والتي سيطرت عليها روسيا، على الرغم من قيام الفنيين الأوكرانيين بتشغيلها.

واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا باستخدام الموقع درعًا للهجمات والمجازفة بحدوث كارثة نووية، كما أنه يريد فرض عقوبات جديدة على القطاع النووي في موسكو.

ويقول المسؤولون الروس: إن أعداءهم هم مَن يقومون بالقصف.

ولم يتسنَ لـ«رويترز» التحقق على الفور من التقارير الواردة من ساحة المعركة.

وأدى الصراع المستمر منذ ما يقرب من ستة أشهر إلى فرار ملايين الأشخاص ومقتل الآلاف وتعميق الانقسام الجيوسياسي بين موسكو والغرب.

تجريد وحماية

وتصف روسيا غزوها لأوكرانيا بأنه «عملية عسكرية خاصة» لتجريد جارتها من السلاح وحماية المجتمعات الناطقة بالروسية ومواجهة توسع حلف شمال الأطلسي العسكري.

وتتهم أوكرانيا والداعمون الغربيون لها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغزوها للسيطرة على أراضيها.

واتهم بوتين الولايات المتحدة بمحاولة «إطالة أمد» الصراع في أوكرانيا من خلال دعم حكومة زيلينسكي، وقال في مؤتمر «الجيش 22»: إن واشنطن تريد أيضًا توسيع «نظام يشبه حلف شمال الأطلسي» في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بعدما قامت «باستفزاز مخطط له بدقة» من خلال زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان هذا الشهر.

وحتى مع استمرار أكبر هجوم على دولة أوروبية منذ عام 1945، جرى إحراز تقدم في الوصول إلى اتفاق بشأن الحبوب لتخفيف أزمة غذاء عالمية سببها الصراع.

فقد غادرت السفينة «بريف كوماندر» ميناء بيفديني الأوكراني حاملة أول شحنة من المساعدات الغذائية الإنسانية المتجهة إلى أفريقيا من أوكرانيا منذ بدء الحرب الروسية.

وتراجعت صادرات الحبوب الأوكرانية من وقتها بسبب إغلاق موانئها على البحر الأسود، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء العالمية وأثار مخاوف من حدوث نقص في أفريقيا والشرق الأوسط.

ولم يعلن الجانبان عن تغييرات تذكر في مواقعهما بساحة المعركة.

وأفادت أوكرانيا أن القصف الروسي والهجمات الصاروخية لا تزال مستمرة في منطقة دونباس الشرقية، وأنها نجحت في صد محاولات التقدم الروسية بالقرب من مصفاة النفط في ليسيتشانسك بمنطقة لوجانسك في دونباس.