مكية فقيه

وصلنا لهذه المرحلة، أصبحنا نفكر فقط فيما نريد بالدرجة الأولى وما يريده الأشخاص المقربين منا، بغض النظر أكانوا أقارب أم أصدقاء، فالذي يحكم العلاقة بيننا هو القرب.

أخذ الأمر مسارا آخر أصبح هناك نوع من الجرأة في التعامل، وقد يطلق عليها البعض وقاحة وكلًا ووجهة نظره (عطني أعطيك) عطني حب أعطيك حبا، عطني اهتمام اعطيك أهتماما، قدم لي هدية أردها لك في مناسبة أخرى.

أصبحنا نتعامل بالمثل في العطاء، وكأنني أتذكر بذلك القانون الثالث لنيوتن (لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدارمعاكسة له في الاتجاه).

حيث يمكن اعتبار أي من القوانين فعل في حالة اعتبار الأخرى كردة فعل والعكس صحيح.

ولسان حالنا يقول: (اللي يبينا نبيه واللي ما يبينا ما نبيه) وتركنا ما كنا نردده في الماضي (اللي يبينا عيت النفس تبغاه واللي نبيه عيء البخت لا يجيبه) تركنا التضحية والعطاء دون مقابل والسعي وراء إرضاء الآخر، واللهث لأجل الوصول إليه.

أصبح هناك وعي واضح في المجتمع، فالصغير قبل الكبير الكل يعي جيدًا ما يريد وما يحتاج وما المطلوب منه ويعطي على قدر الحاجة دون زيادة أو نقصان حتى في المشاعرأصبح للعقل نصيب كبير من القرارات، وأصبحنا قادرين على اتخاذ القرار المناسب وفي الوقت المناسب دون اللجوء إلى عقد اجتماع عائلي طارئ أو انتظار موافقة من أحد.

حتى مشاعرنا باتت مختلفة، نفس مشاعرنا في السابق ولكن باعتدال واتزان غير معهود، فلن ترى اليوم مَن يقف على الأطلال، ومَن يبكى على فراق حبيب، قد نتألم للحظات ولكن لن يطول الألم، قد نحزن ولكن سرعان ما ننسى أو نتناسى، قد نخذل وسنتجاوز ذلك وسنطوي الصفحة ونفتح أخرى، سنصبح نجيد فن التخلي والبعد وكأن شيء لم يكن.

وسنعود للحياة من جديد وبنفس الابتسامة ولكن ابتسامة رضا وسلام، وسنترك كل مَن يتجاهلنا وراء ظهورنا ونمضي قدمًا، فنحن نستحق الأفضل والأجدر.

وختامًا وحتى لا أنسى فعندما ننوي مغادرة الأشياء في حياتنا لن نضطر في هذه المرة أن نطوي الصفحة، بل سنقطعها إلى أجزاء متناهية الصغر ونرمي بها في مهب الريح لتتطاير أمام أعيننا حتى تختفي.

@m_f1396