أروى المزاحم

في معية التحولات الظاهرية في حياتنا التي باتت تعج بالمتغيرات والتقلبات على كافة المستويات والأصعدة، هناك نوع آخر من التحولات الخفية التي تكاد تغيب عن أعيننا ولكنها تستوطن مكانا آخر أكثر خطورة وأشد فتكا، ألا وهي التحولات الفكرية والثقافية.

حين نتحدث عن معنى الاستعمار على مر التاريخ اصطلاحا نجد أنه عبارة عن سيطرة دولة على دولة واستغلالها سياسيا واقتصاديا وثقافيا، واحتلال أراضيها سعيا في فرض هيمنتها وثقافتها وذلك عن طريق إلزام الشعب المحتل بتبني عاداتها وتقاليدها وممارساتها الدينية وهو المعنى الموازي للاستعمار الفكري.

اليوم لم تعد تلك الدول تمارس هذا الاستعمار بالعلن فهي تمارسه اليوم سرا دون الحاجة إلى الانتقال والتحرك من مكانها، إذ يكفيها وعن بعد، نشر ثقافتها والتحول بين أفراد الشعوب بذريعتها المعروفة وهي العمل على ارتقاء وتحضر هذه الشعوب، فهي تلجأ في العصر الحديث إلى ممارسات عدة من أجل غزو ثقافة الغير حتى تفقده هويته..

لا سبيل لمواجهة هذا الاستعمار الفكري إلا بالتسلح بكل القيم الأخلاقية والمنطقية والفلسفية وإبراز هويتنا وتعريف الأجيال بها حتى لا تضيع ثوابتنا بشكل كامل، إذ أنها المحرك الرئيسي للأفراد داخل أي مجتمع.

أن نتنبه من عدم الانسياق وراء الدعوات المشبوهة بالحرية الدينية والاجتماعية، والتي يتصدرها الإعلام الغربي، وتتسلل إلينا من نوافذ الألعاب الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي فليس كل ما يعرضه الغرب عن حياتهم الوردية هو حقيقة.

في نفس الوقت علينا العمل على تطوير الوعي الذاتي وتعزيز هويتنا وثقافتنا وتقوية أواصر القيم الأخلاقية لدينا من أن تنجرف مع التيار.

ومضة:

الأمان الحقيقي يبدأ ببناء إنسان قوته في ثوابت يؤمن بها وأفكار يسعى لتحقيقها..

@al_muzahem