د. شلاش الضبعان

@shlash2020

يشعر البعض بالحرج عندما يُسأل أين سافرت هذا العام؟ لأن الظروف العملية أو الاجتماعية أو المالية لم تساعده كي يسافر، وقد يتعرض البعض لضغوط متزايدة من أفراد عائلته، لماذا سافر الأقارب والأباعد ونحن لم نسافر؟!

وهناك - خصوصاً من الأبناء- من يعد عدم السفر نقصا، كون الآخرين سافروا وعائلتهم لم تسافر، ولا أدري هل ما زال مدرس التعبير يطلب كتابة موضوع: أين قضيت إجازتك هذا العام؟

هل السفر ضرورة من الضرورات بحيث يقترض البعض من أجله؟

عند الآباء ليس ضرورة، بل يرونه مشقة وزيادة تكاليف، حتى قال أحد الأبناء: كبرت وأنا أحسب أبو ظبي رجلاً!

وعندما سئل أحد الآباء: هل سافرت هذه الإجازة؟

قال: هل من المعقول أن أخرج من سعة بيتي إلى ضيق شقة مستأجرة؟

ومع التوسع الاقتصادي والانفتاح الإعلامي والاهتمام العالمي بالسياحة، أضحى من لا يعرف أبو ظبي يعرف زيلامسي والنرويج.

من الذي على حق، جيل الديرة أم جيل التأشيرة؟

أعتقد أن الأمر يحتاج تفصيلا، فمن لم يكن قادراً مالياً ويحتاج أن يقترض من أجل السفر فالأفضل له الديرة، لأنه ليس من المعقول أن تسعد نفسك لفترة محدودة بالدين ثم ترجع لتواجه هموم الدين وتضيّق على نفسك وأولادك لمدة طويلة؟ ومثله من لا يستطيع اجتماعياً لارتباطه بكبير سن أو مريض، فهذا جلوسه في الديرة يستحق الشكر والتقدير من أجله..

وأما من كان قادراً فليسافر، وفي السفر فوائد متعددة وقد قال الإمام الشافعي:

تَغَرَّبْ عَن الأَوْطَانِ في طَلَبِ الْعُلَى

وَسَافِرْ فَفِي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوَائِدِ

تَفَرُّجُ هَمٍّ، وَاكْتِسابُ مَعِيشَةٍ

وَعِلْمٌ، وَآدَابٌ، وَصُحْبَةُ مَاجِد

مع ضرورة الحرص على تحقيق ما نص عليه الإمام الشافعي بتحويل السفر إلى رحلة سياحية ممتعة تبني الشخصية وتحقق الأهداف، باستغلاله بالقرب من الأبناء وزيارة الأماكن الثقافية، والأهم البعد عن الأماكن التي لا تليق، وتظل قيم الإنسان واستشعاره لرقابة خالقه معه أينما كان.

إذن، من ساعدته ظروفه واستطاع أن يُسافر فهذا أمر جميل، ومن لم يستطع لقناعة أو ظروف فقد وفر وقته وماله وهو أمرٌ جميلٌ أيضاً.