ترجمة: إسلام فرج

عناوين دولية مضللة وافتراض خاطئ يتجاهل جذور المشكلة

شدد موقع «بزنس ستاندرد» على أن أزمة الغذاء في العالم تتجاوز الحرب في أوكرانيا.

وبحسب مقال لـ «نانسي كيان»، الأستاذة بجامعة «نورث ويسترن»، احتل الحصار الروسي لشحنات المواد الغذائية والخسارة المحتملة للمحاصيل الأوكرانية بسبب الاضطرابات الناجمة عن الحرب عناوين الأخبار في الأشهر الأخيرة.

وأضافت الكاتبة: بين فبراير ويونيو، ارتفعت أسعار القمح العالمية بأكثر من 60 %، مما أثار مخاوف إنسانية وتحذيرات من وكالات التنمية الدولية بشأن زيادة انعدام الأمن الغذائي في البلدان الأفريقية والآسيوية الفقيرة.

وتابعت: لكن العديد من هذه العناوين كانت مضللة، في البلدان الفقيرة، يأتي نحو 80 % من جميع السعرات الحرارية من الحبوب، أهم هذه الحبوب هو الأرز، الذي يمثل 27 % من السعرات الحرارية للفرد في العالم النامي، وهو العنصر الرئيسي في آسيا، في دول مثل ميانمار وكمبوديا، يشكل الأرز 80 % من السعرات الحرارية.

الاستهلاك الأفريقي

وأشارت الكاتبة إلى أن الذرة هي أهم حبوب الكفاف في أفريقيا، حيث تستهلك البلدان هناك نحو 30 % من الذرة في العالم، موضحة أن الفرد في ملاوي وليسوتو وكينيا يستهلك ما متوسطه 90-180 كجم (198-397 رطلا) سنويا، وأضافت: القمح، وهو ثاني أهم الحبوب على مستوى العالم، غير مهم نسبيا في البلدان الفقيرة، على سبيل المثال، يبلغ نصيب الفرد من استهلاك القمح السنوي نحو 17 كيلوجراما فقط في إفريقيا جنوب الصحراء.

وبحسب الكاتبة، إذا وضعنا في الاعتبار مساهمة أوكرانيا في الإمدادات الغذائية العالمية، يتبين لنا أنه في عام 2020، صدرت هذه الدولة القليل جدا من الأرز، و18 مليون طن من القمح، و28 مليون طن من الذرة، وكانت خامس أكبر مصدر للقمح بعد روسيا (37.3 مليون طن) والولايات المتحدة (26 مليونا) وكندا (26 مليونا) وفرنسا (19.8 مليون طن)، ورابع أكبر مصدر للذرة، بعد الولايات المتحدة (52 مليون طن) والأرجنتين (37 مليونا) والبرازيل (34 مليون طن).

وخلصت إلى أنه بموجب هذه الأرقام، لا ينبغي أن يؤدي فقدان القمح والذرة الأوكرانية بحد ذاته إلى انعدام الأمن الغذائي في البلدان الفقيرة لأن الإنتاج والصادرات من البلدان الأخرى يمكن أن تزداد.

وتابعت: إذا أخذنا الذرة في الحسبان، فإن البلدان الفقيرة التي تعتمد على الذرة تنتج معظمها محليا، والقليل جدا مما تستورده يأتي من أوكرانيا.

عناوين الأخبار

ومضت نانسي كيان تقول: على سبيل المثال، في عام 2020، استوردت كينيا 11818 طنا فقط من أوكرانيا، وينبغي أن يكون العجز بهذا الحجم ما يسهل نسبيا على المنتجين الآخرين ملئه، لا سيما بالنظر إلى أن معظم الذرة ليست ضرورية لمعيشة الإنسان.

وأضافت: على الصعيد العالمي، يتم استهلاك 15 % فقط من جميع الذرة المنتجة في العالم كغذاء، في الولايات المتحدة، أكبر منتج للذرة في العالم، يتم استخدام 10-12 مليون طن سنويا لإنتاج مواد التحلية.

وتابعت: كما تصدرت مخاطر نقص الأسمدة عناوين الأخبار لأن هذا يمكن أن يقلل العرض ويزيد من أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم. لكن أوكرانيا تمثل 0.8 % فقط من صادرات الأسمدة العالمية.

وأشارت الكاتبة إلى أنه وفقا لهذه البيانات، لا ينبغي أن تتأثر البلدان الفقيرة بشكل كبير بفقدان المنتجات الزراعية الأوكرانية، مضيفة: لكن هذا لا يعني أن مخاوف انعدام الأمن الغذائي مبالغ فيها. المشاكل مختلفة فقط وأكثر تعقيدا مما تشير إليه العناوين الرئيسية.

وتابعت بقولها: يتفاقم انعدام الأمن الغذائي بشكل مطرد منذ سنوات. في البلدان منخفضة الدخل، ارتفعت نسبة الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية الكافية عالية الجودة من نحو 13 % في عام 2015 إلى 26 % في عام 2019، بسبب تفاعل عوامل مثل تغير المناخ، والمؤسسات الفاشلة والنزاعات الإقليمية المسلحة.

افتراض خاطئ

ولفتت الكاتبة إلى أن ربط المشكلة فقط بحرب روسيا في أوكرانيا ينطوي على خطر خلق افتراض خاطئ بأنه يمكن إصلاحها أو تحسينها بشكل كبير من خلال إنهاء الحرب في أوروبا الشرقية.

وتابعت: يمكن للغزو الروسي لأوكرانيا أن يسبب مشاكل في أسواق الغذاء العالمية، ويمكن أن يقلل الإمدادات الغذائية العالمية على المدى القصير، خاصة عند حدوث اضطرابات في ممرات الشحن والوصول إلى الموانئ، وأضافت: لحسن الحظ، تظهر المفاوضات الأخيرة أنه يمكن معالجة هذه المشاكل، كما يمكن أيضا استخدام 850 مليون طن من احتياطيات الحبوب العالمية، 25 % منها تحتفظ بها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، للمساعدة في معالجة العجز المؤقت.

ونبهت إلى أن الخطر الأكبر على المدى الطويل يتمثل في أن روسيا، وليست أوكرانيا، ستخفض الصادرات.

وأضافت: تمثل روسيا 19 % من صادرات القمح العالمية و15 % من صادرات الأسمدة. قد تنخفض الصادرات بسبب الحرب أو سوء الأحوال الجوية أو الأزمة الاقتصادية التي تعرقل الإنتاج، ويمكن أن تتراجع لأسباب سياسية، مثل المناورة الروسية للاستفادة من قوتها السوقية، كما فعلت مع الغاز.

وأردفت: في المقابل، قد تسعى أوكرانيا وحلفاؤها إلى زيادة الضغط الاقتصادي على روسيا من خلال المطالبة بفرض حظر على صادراتها الزراعية، والتي تم إعفاؤها حتى الآن من العقوبات التجارية، ومن المرجح أن تستمر الأعمال العدائية السياسية حتى بعد انتهاء النزاع المسلح.

الاستجابة المعقولة

وبحسب الكاتبة، فإنه في ضوء هذه المخاطر، تتمثل الاستجابة المعقولة للولايات المتحدة وحلفائها المنتجين زراعيا في زيادة إنتاج المحاصيل وزيادة الاحتياطيات، وتسمح زيادة الإنتاج بتوسيع احتياطيات الحبوب دون تقليل الإمدادات العالمية، ومع وجود احتياطيات أكبر، يمكن الإفراج عن كميات صغيرة بسهولة أكبر للمساعدة في التغلب على العجز المؤقت.

ولفتت إلى أن مثل هذه السياسات ستبعث أيضا إشارة قوية إلى المزارعين للحفاظ على القدرة الإنتاجية، مما سيساعد على ضمان القدرة على متابعة إنتاج أكبر إذا دعت الحاجة إلى ذلك. وأضافت: ستعمل زيادة الإنتاج والاحتياطيات على التخفيف من اضطرابات الحرب على المدى القصير، وفي الوقت المناسب، ستقلل الاعتماد العالمي على الصادرات الزراعية الروسية، مما يمنح حلفاء أوكرانيا مساحة أكبر للمناورة السياسية. وأوضحت أنه بالنسبة للبلدان الفقيرة التي تواجه التهديد المتزايد لانعدام الأمن الغذائي المزمن، توفر هذه السياسات التأمين ضد المجاعة الجماعية. واختتمت بقولها: تبرز أزمة الغذاء الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية تحديات انعدام الأمن الغذائي الحادة، تظهر نظرة فاحصة أن المشاكل أعمق بكثير من الحرب الحالية، وأن نظام الغذاء العالمي بحاجة ماسة إلى أن يصبح أكثر مرونة لأسباب سياسية وإنسانية.