د. عبدالوهاب القحطاني

كانت الشهادات الوهمية المزيفة تمنح في بلد ما للذين يرغبون فيها بمقابل مالي من مؤسسات امتهنت تزييف الشهادات، لذلك لا تقبل الجامعات الأمريكية الشهادات مناولة من الراغبين في مواصلة تعليمهم فيها إلا بمراسلة موثقة ومباشرة من جامعات تلك الدولة لضمان مصداقيتها وموثوقيتها من غير تدليس وتزييف.

تسوق بعض الشركات إعلاناتها بوقاحة على الإنترنت عن أفضل الأماكن للحصول على شهادات مزورة من جامعات معتمدة مقابل مبالغ مالية على هذه الخدمة المجردة من الأخلاقية والنزاهة. وكان إعلان إحداها صريحا على الإنترنت «احصل على شهادة مزورة من جامعة معتمدة ومعتبرة من غير الحضور أو التسجيل في الجامعة». الحقيقة أنها شهادات مزورة تصمم بطرق احترافية في مكاتب وهمية من غير علم تلك الجامعات بذلك أو مرورها بها، كما يحدث في بعض الدول التي تنتشر فيها شركات متخصصة في التزوير.

هناك جامعات وهمية قامت على هذا الأساس للحصول على الأموال من خلال شهادات وهمية مزورة. وكما يقال بأنه لكل ساقط لاقط، حيث وجدت هذه الجامعات الوهمية رواجا بين الباحثين عن الشهادات المزورة من غير جهد وعناء، خاصة إذا كانت تخفى على الجهات الرسمية المعنية بالتعليم في الدول التي ليس لديها رقابة وتدقيق على مثل هذه الشهادات المزورة والجامعات الوهمية.

للشهادات الوهمية المزورة العديد من السلبيات على الاقتصاد في القطاعين الحكومي والخاص. الموظف الذي حصل على شهادة مزورة بلا شك يبحث عن حق ليس له وإذا حصل عليه فإن أثره السلبي كبير من حيث الأداء والأمانة وجودة العمل والعدالة في العمل واختياره للموظفين الذين تحت إشرافه إذا كان في منصب قيادي. وبالطبع لأن قراراته ستكون على مستوى شهادته الوهمية سواء كان موظف حكومة أو موظف شركة في القطاع الخاص. ومهما نجح الموظف بشهادة وهمية مزورة في التدليس فإن العمل سيكشفه، خاصة إذا كان القرار يتطلب معرفة بأمور إدارية ومالية ومحاسبية وتقنية عالية المهارة.

مما لا شك فيه أن الموظف الذي حصل على شهادة مزورة سواء من جامعة حقيقية معروفة أو جامعة وهمية يعكس أخلاقياته في عمله. وأقصد بذلك أن أخلاقياته ستكون متدنية ما يؤثر في علاقته بأصحاب العلاقة بشركته ووظيفته. وهذا يعني أنه إنسان فاسد بكل ما تعنيه الكلمة وغير مؤهل علميا وعمليا وأخلاقيا لأي وظيفة قيادية. إن تولي موظف حاصل على شهادة مزورة أي منصب قيادي سيكون كارثيا، خاصة في أخلاقيات المهنة واتخاذ القرار واستخدام السلطة وخدمة مصلحته الخاصة على حساب مصلحة الجهة التي يعمل بها.

سمعة الجهة الحكومية أو الشركة التي يعمل فيها موظف بشهادة مزورة ستكون تحت المحك ما يؤثر عليها في نواح كثيرة منها تدني الإنتاجية والأداء العام والقضايا القانونية الناجمة عن الفساد المالي والإداري. سيتأثر الاقتصاد سلبا بالموظفين الحاصلين على شهادات مزورة لأنهم يحصلون على تعويضات مالية بموجب الشهادات التي حصلوا عليها بالتزوير والتدليس. أما من ناحية الأداء فإنه لن يكون كما هو متوقع لأنهم يفتقرون للمهارات والمعرفة التي تكتسب بالتعليم.

كلية الأعمال KFUPM

@dr_abdulwahhab