سالم اليامي

مع التطورات التي يشهدها الملف النووي الإيراني وبعد أن أصبحت هناك درجة عالية من التوافق حسب التسريبات إلى الآن ينتظر العالم موافقة الجانب الأمريكي على المقترحات الأوروبية والتنازلات التي قيل إنَّ الجانب الإيراني قدمها، يتزامن ذلك مع سلوك تختص به منطقتنا وأعني بها منطقة الخليج العربية التي يرى البعض أنها ربما اختارت الدبلوماسية كسبيل للتعاطي مع إيران ما قبل التوقيع، ومع إيران ما بعد التوقيع وإنهاء أزمة الملف النووي الإيراني مع ما يسمى بدول خمسة زائد واحد. ويسوق البعض هذا الرأي لأسباب منها مباشرة السفير الكويتي الجديد وبعده الإماراتي أيضا الجديد لعملهما في طهران بعد قطيعة دبلوماسية وتخفيض في مستوى التمثيل بين إيران ودول المجلس التعاون الخليجي الذي تم في مطلع شهر يناير من العام 2016م على إثر الاعتداءات الهمجية والمرفوضة من عناصر الحرس الثوري على السفارة السعودية في طهران، وعلى القنصلية السعودية في مشهد، وإحراقهما. السطور السابقة تصلح لأن تكون خلفية لمشهد يرصد الحركة، والعلاقات بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وبين الجمهورية الإسلامية في إيران. ويلاحظ المراقب أَنَّه منذ انتهاء موسم الحج للعام 1443هـ والنظام والإعلام الإيراني يتحدث عن معتقل إيراني في المملكة العربية السعودية ويقال إنَّ إيران سعت كثيرا للإفراج عن الرجل، ووسطت بعض دول المنطقة للنظر في موضوعه. وأنا هنا أعود لهذا الأمر من جديد لسبب بسيط وهو أن وزير الخارجية الإيراني بتاريخ الثاني والعشرين من شهر أغسطس 2022م التقى أسرة الرجل الموقوف في المملكة في وزارة الخارجية بطهران، وعلى خلفية اللقاء أكد لأسرة الرجل بحسب الأخبار أن إيران لن تتخلى عن مواطنيها، وقيل إنَّ عبداللهيان طلب وساطة وزيري الخارجية العماني، والعراقي لدى المملكة للمساعدة في الإفراج عن هذا الرجل الإيراني.

صياغة الخبر الخاص بقضية الإيراني الموقوف في حج هذا العام جاءت مضللة وتوحي بأن المملكة العربية السعودية تستخدم موسم الحج كسلاح سياسي تعاقب به الآخرين، وهذا أمر عار عن الصحة لأن المنطق يقول إنَّ المملكة بقيادتها، وشعبها وكافة أجهزتها الرسمية والتنظيمية تضع نفسها كل عام في خدمة ضيوف الرحمن الذين يؤدون الفريضة ويعودون لأوطانهم وعدد هؤلاء بالملايين ومن مختلف دول العالم لماذا فقط المملكة تسيس هذه الشعيرة مع الجانب الإيراني؟

وتصحيحا لمفردات الخبر نقول ببساطة ومن معرفة دقيقة بصرامة أنظمة وقوانين الحج إن الرجل الإيراني أيًا كان وضعه، وأيًا كان وصفه خالف أنظمة البلاد السعودية، وخالف أيضا آداب وأساليب تأدية الفريضة، وقيل في أخبار متفرقة إنه رفع صورا لقيادات هالكة في الحرس الثوري، أو شيء من هذا القبيل، وهذا مخالف للنظام، مخالف لمن يكون في الأراضي المقدسة، وهذه السلوكيات تشير إلى أن الرجل الموقوف من خلايا الحرس الثوري التي تندس سنويا بين حجاج بيت الله الحرام بهدف التخريب، والشوشرة وبث البلبلة في أراض مقدسة، وفي أوقات مباركة. إيران تصف الرجل المخالف والموقوف جراء مخالفاته الصريحة للقانون في المملكة، ولمعطيات أداء الفريضة، بأنه معتقل وكأنها هنا تريد أن تقول بطريقة غير مباشرة إنه سياسي وإن فعل السلطات السعودية بحقه حجزُ لحريته. في الوقت الذي تطبق المملكة العربية السعودية القانون والنظام معه ومع غيره بدون تمييز.

@salemalyami