صالح شيحة يكتب :

يقولون إن في العجلة الندامة، وأن في التأني السلامة.

بالطبع، لا أشكك في صحة هذه الحكمة، ولكن يجب علينا أن ننتبه إلى مسألة الوقت المناسب في تعاملاتنا مع الناس، فكما أن الناس تنتظر منا أن تكون أعمالنا وما نصنعه لهم على درجة عالية من الجودة، ولكن، ما فائدة أن نقدم لهم ما يحتاجونه كما طلبوه ولكن في وقت متأخر، باختصار، هو رائع ولكن ليس بمفيد.

على سبيل المثال، حينما يطلب مني مسؤول قسم الرأي بجريدة «اليوم» مقالا للنشر في وقت محدد، وأقوم بالشروع في كتابة المقال، وأحرص على أن يكون مقالا رائعا، ولكننى، أتأخر في الانتهاء من كتابته، وأقوم بإرساله بعد الوقت المحدد. بالطبع، سيكون المسؤول مستاءً من ذلك. (هذا مثال للتوضيح فقط ولم يحدث حقيقة).

نعيش الآن عصر السرعة في كل شيء، الذي يتطلب منا ألا نمتلك المهارة أو الموهبة فقط، بل يحتاج منا كي نستطيع المنافسة، أن نقوم بتطوير هذه الموهبة لتناسب هذا العصر.

لقد صدرت فتوى عن لجنة الترجمة في مجمع اللغة العربية بمكة المكرمة حول ترجمة مصطلح فيروس كورونا تقول: «الترجمة العربية الدقيقة لكلمة (فيروس) هي (حمة)، وتجمع على (حمي/حمات)، أما كورونا، فهى كلمة لاتينية تعني التاج أو الإكليل؛ وعليه فإن الترجمة العربية الدقيقة لفيروس كورونا هي (الحمة التاجية).

وبالفعل، هذه الترجمة موجودة في المعاجم الطبية الرصينة مثل معجم حتى الطبي.

ورغم أن هذه الترجمة هي الصحيحة، ولكن هذه الفتوى قد نالت المعارضة والاستياء، وتم إلقاء اللوم على المجمع لأنه تأخر في إصدار هذه الفتوى؛ لأنها صدرت بعد ما يقارب السنة من ظهور الفيروس، وقد استقر مصطلح فيروس كورونا في الأذهان، وأصبح لا فائدة منها.

كما يذكر أن أحد شعراء العصر العباسي، يدعى «أبو العباس النامي المصيصي»، الذي كان يحتل المرتبة الثانية بعد المتنبي في عصر الأمير «سيف الدولة»، ولكن رغم جمال شعره، يقول عنه (أبوعبدالله الحسين الكاتب): «إنه كان بطيء الخاطر ترتفع له القصيدة في سبعة أشهر أو أكثر، وتحدث الحادثة عن سيف الدولة من فتح أو هدية أو قصة أو عيد أو غير ذلك، فيعمل الشعراء وينشدونه في الحال أو بعد يوم أو يومين، فإذا كان بعد ثلاثة أشهر أو أربعة أو سبعة أو أكثر بحسب ما ترتفع له، جاء واستأذنه في الإنشاد، فيكايده سيف الدولة ويقول له: في أي فتح أو أي قصة؟ ولا يزال به، ويريه أنه نسي تلك الحال لبعدها توبيخا إلى أن يكاد يبكي، فيقول: نعم هاتها الآن، وربما اغتاظ لطول العهد وخروج الزمان عن الحد فلا يأذن له أصلاً».

انتبه، واحرص على أن تؤدي ما يطلب منك في الوقت المناسب، ولا تكن كعربة الإسعاف التي تحضر لإنقاذ المريض متأخرة، وتأتي مبكراً للذهاب به إلى قبره.

@salehsheha1