هو أكثر الناس لمعانًا على المسرح وأكثرهم جماهيرية، هو الفنان الوحيد الذي يستطيع أن يحل محل نجيب الريحاني، سيظل أطولهم باعًا واسمه سيظل الأشهر في دنيا المضحكين، لأنه إذا كان بينهم مَن يتمتع بموهبته فليس لديه من يتمتع بذكائه.
أحسَن الكاتب محمود السعدني وصف الراحل فؤاد المهندسن، وقد أنصفه به، فهو حقًا الرجل الذكي صاحب المواهب المتعددة والواصل بين عصرين فنيين، وحسبنا إذا ذكرت كلمة الأستاذ فإنما يرافقها في مخيلتنا اسم فؤاد المهندس.
من بيت محافظ خرج المهندس يحمل شغفًا خاصًا بالمسرح وحبًا فريدًا له، متخذًا من شارلي شابلن ونجيب الريحاني مصباحين يهتدي بهما إلى النجومية في بداياته، وحتى قبل أن يقف على مسرح الكلية.
فؤاد الفتى الحالم والابن لأستاذ جامعي متخصص في اللغة العربية هو الدكتور زكي المهندس، اختار شقَ طريق الفن في وقت كانت النظرة فيه غلى الكوميدي بها منقصة، غير مبال بمن عارضوه متعلّلين بمنصب والده، فعرف مواهبه وأعلن عنها ليرسم اسمه بين النجوم.
اللقاء الأول بنجيب الريحاني
في حفل زفاف أخت فؤاد المهندس، وسط فرحة المعازيم والأهل وانشغال كل منهم بالتركيز على العروسين؛ صفية المهندس ومحمد شعبان بابا شارو، لم يكن يشغل ذهن فؤاد غير ضيف واحد وسط الحضور، إنه نجيب الريحاني، بعينه ظل يرقبه ويتحيّن الفرصة ليتقدم ويعرَّف نفسه إليه، فظل طوال الوقت ملازمًا للريحاني حتى أغضبه من ملاحقته، فنهره الريحاني بأسلوبه يا ابني حرام عليك أنا مش عارف أتنفس منك.. روح في داهية
قبل أن تأتي صفية وتعرِّف الريحاني بأخيها الشاب فؤاد، الذي يُجهد نفسه في تقليد أستاذه الريحاني ليل نهار حتى حفظ أدواره وحركاته.
حيلة المهندس للعمل مع نجيب الريحاني
على مسرح كلية التجارة بجامعة القاهرة، ظل المهندس يمارس شغفه بإتقان مؤديًا مسرحية تلو أخرى، ومع هذا ظل حلمه بالعمل مع الريحاني يراوده، فاهتدى إلى حيلة يصل بها إلى أستاذه، حين طلب منه مقابلة صحفية لمجلة الكلية، وفي ختامها أقنعه بإخراج أحد أعمالهم على مسرح الجامعة.
وافق الريحاني فاستغلّ فؤاد وجوده معه على مسرح واحد ليجتهد في تقليده، معتقدًا أنه سينال إعجابه، لكن على عكس ما توقع كان تعليق الريحاني له لازم تكون لك شخصية مستقلة.. عايزك تكون فؤاد المهندس مش نجيب الريحاني.
تلك النصيحة الذهبية التي طبَّقها الأستاذ كما يجب، حتى صنع ليس فقط شخصية مستقلة بل مدرسة متميزة لا يزال صداها يتردد لليوم.
زواجه من شويكار وانفصالهما
كان أول لقاء بين المهندس وشويكار، على خشبة المسرح عام 1963، بترشيح من رفيقه عبد المنعم مدبولي.
مثَّلت أمامه وأثبتت موهبتها فتعددت الأعمال المشتركة بينهما بعد ذلك، كما أوقدت شرارة الحب في قلبيهما وتبادلا الإعجاب الصامت، حتى قرر فؤاد المهندس التقدم وعرض الزواج عليها خلال مسرحية أنا وهو وهي، ليتزوجا بعد الواقعة بفترة، تحديدًا بعد انتهاء فيلم هارب من الزواج والذي كان أول عمل مشترك لهما في السينما. واستمر زواجهما قرابة الـ20 عامًا قبل أن ينفصلا في هدوء محافظين على المحبة بينهما حتى آخر العمر.
رحيل فؤاد المهندس
في الـ16 من سبتمبر 2006 رحل الأستاذ فؤاد المهندس بعد مسيرة امتدت لأكثر من نصف قرن، أمتعنا بها وأبهجنا بفن راق وبأسلوب متميز، ليلحق بصديقه عبد المنعم مدبولي الذي رحل قبله بشهرين فقط، كأن لسان حاله يقول أدَّينا رسالتنا وحان وقت راحتنا معًا كما كنا في الدنيا صحبة.
أكثر من 160 عملًا فنيًا كوميديا وتراجيديَا للكبار والأطفال في المسرح والسينما والإذاعة والتليفزيون، إرث الأستاذ، بالإضافة إلى نجوم كبار صنعهم فؤاد المهندس وعلمهم كعادل إمام وسمير غانم، ما يشهد له بالسبق ويضمن له مكانا بارزا في الذاكرة الشعبية المصرية والعربية.