ليس هناك أسوأ من مؤسسة لا تعي قيمة الإنجاز بقدر ما تعطيه من اهتمام لقيمة عدد ساعات العمل. وعلى الرغم من أن هذه المفاهيم الإدارية تكاد تكون قد انقرضت في ملايين الشركات حول العالم، إلا أن ثمة شركات أخرى كثيرة لا تزال لا تفهم المعنى الحقيقي للإنجاز والذي هو غير مرتبط أساسا بعدد ساعات العمل.
اليوم لا يمكن أن تسير إدارة مؤسسة ما في الاتجاه الصحيح من دون أن تضع نصب عينيها قضية الإنجاز وجودة الإنتاج كأولوية مطلقة تقريبا. الموظف يتم توظيفه من الأساس في المؤسسة من أجل تحقيق شيء ما للشركة، ومن أجل أن تتمكن الشركة من إنتاج منتج ما، أو تقديم خدمة ما، بطريقة تمكنها من المنافسة في السوق.
المهن الإنتاجية التي لا تتطلب عملا أرشيفيا قد يستدعي البقاء في المكتب لثماني أو تسع ساعات متواصلة بسبب طبيعة الأرشفة، تلك المهن الإنتاجية هي المهن التي يجب أن تتحرر من دائرة عقارب الساعة. هناك الكثير من الموظفين الجدد خاصة الذين يسمون جيل الألفية، وهم يتشاركون نمطية تفكير القرن الحادي والعشرين، وهي النمطية التي لا علاقة راسخة أو ثابتة بينها وبين الوقت، فهذا الجيل الذي نشأ على ألعاب الكمبيوتر، واكتسب خبرات حياتية لم يكتسبها الآباء والأجداد بسبب وجود الإنترنت في حياته، هذا الجيل لا يمكن التعامل معه بنمطية دفتر الحضور والانصراف.
نحن أمام موظفين شباب طموحين، لديهم مفاهيم مختلفة كثيرا عن الحياة مقارنة بالجيل السابق، ولطالما كنا نتفاجأ وقد أنجز أحدهم مهمة في وقت قياسي جدا ما كان للجيل القديم أن ينجزها إلا في أضعاف الوقت الذي استهلكه هذا الموظف الشاب، ومن هنا لعل كثيرين منا توقفوا عند حوادث ومواقف من هذا النوع، ليطرحوا ومن دون تردد سؤال: إذا كانوا قادرين على الإنجاز في وقت أقل؟ فما الذي يجعل قضية إدارة هؤلاء الشباب بطريقة تقليدية أمرا صائبا؟
إننا أمام قياديين شباب جدد، سيغيرون شكل العالم بكل تأكيد، ولهم أفكارهم ومعتقداتهم الإدارية التي يؤمنون بها كثيرا، ولذا فإن لم نتغير نحن، فهم من سيغيروننا عندما يصلون إلى مقاعد القيادة.
@hananabid10