آمنة خزعل - الدمام

الفرد يتأثر نفسيا من خلال الشعور بالقلق والتوتر والأرق والخوف وضعف التركيز

يعاني الكثير من الناس عناء التفكير الزائد عن الحد، الإنسان بطبيعته دائما ما يفكر في كل خطوة يخطوها، وهذا الأمر طبيعي من أجل مواجهة صعوبات الحياة وتحدياتها، وما يجب فعله تجاهها من قرارات مناسبة، ويعني أنه يمكن حل المشكلة سواء في الماضي أو الحاضر أو في المستقبل بناء على هذا التفكير، وفي المقابل لا يمكن إيجاد الحلول المناسبة لأي مشكلة عند المبالغة في عملية التفكير والإفراط فيه، فذلك يعني الدخول في دائرة الألم أي «متاهة أكون أو لا أكون»، وبالتالي الوقوع في المحظور من خلال البحث عن معرفة الغيب لعيش الواقع.

آثار التفكير

وقال الأخصائي النفسي العيادي د. عبدالله الوايلي إن من المؤكد أن للتفكير الزائد آثارا سلبية متعددة على الفرد، سواء من الناحية الصحية «نفسيا وجسديا» أو من الناحية السلوكية والاجتماعية، إذ إن الفرد يتأثر نفسيا من خلال الشعور بالقلق والتوتر والأرق والخوف وضعف التركيز وفقد المتعة والشعور بالتذمر والملل، في حين أنه يؤثر جسديا عن طريق بعض الاضطرابات العضوية المصاحبة كعسر الهضم والقولون العصبي وفقد الشهية وقلة أو كثرة النوم وارتفاع الضغط، بالإضافة إلى أمراض القلب والجلدية وأمراض المناعة بسبب إفراز هرمون القلق «الكورتيزول» أي أنه قد يمر بمشكلات «نفسجسدية» كثيرة بسبب الضغط النفسي.

استرجاع الماضي

وأضاف: حتى تتضح الصورة أكثر، فإن التفكير يعد أمرا سلبيا على الصحة النفسية والعقلية للإنسان، فإذا كان التفكير في الحدود الطبيعية، فإنه يكون مؤقتا نظرا إلى وجود مشكلة ما تحتاج إلى تدخل واتخاذ قرار لحلها، وهذا الأمر معتاد ويمر به أغلب الناس، كقرار السفر أو الدراسة أو الوظيفة أو الزواج أو غير ذلك من أمور الحياة، أما الحدود غير الطبيعية فيكون التفكير فيها مستمرا نتيجة لاسترجاع الماضي وأحداثه وتحليل المواقف، وبالتالي الشعور بتأنيب الضمير والندم، ومن ثم القلق على المستقبل وما سيحدث فيه.

الانشغال بالذات

وتابع: وفقا لتلك الرؤية، فإن الإفراط في التفكير بشكل زائد عن الحد، والانشغال بالذات يعود غالبا بالسلب على الإنسان، إذ يتضح من خلال مصطلحين مختلفين من العمليات الذهنية هما «اجتزاز التفكير» الذي يرتبط بالماضي أكثر عن طريق الحزن أو اليأس أو الاكتئاب، ويظهر في صورة الندم على السلوك السابق، مثل قول الشخص «ليتني عملت كذا» أو «كان صار كذا» أو «ياليت اللي صار ما صار»، أما «التفكير المقلق» فهو يرتبط عادة بالمستقبل، إذ يسيطر القلق على الفرد خاصة القلق المعمم، وهذا النوع من التفكير له خاصية تكمن في ترك اللحظة التي يعيشها الإنسان وصولا إلى افتراضات وتوقعات سلبية غالبا، مثل: «لو حدث كذا» أو «لو صار كذا كيف ممكن أعمل».

أعراض سلبية

وأشار إلى أن التفكير الزائد عن الحد يؤدي إلى أعراض نفسية وجسمية وسلوكية معينة ومحددة، فتظهر على الشخص علامات القلق والتوتر والأرق، بالإضافة إلى العزلة وفقد المتعة وعدم التركيز والشعور بالخوف وتشتت الانتباه «السرحان»، موضحا أنه في ظل كل المتغيرات التي يمر بها الإنسان عبر مراحله العمرية، فإن الأسباب متعددة ومختلفة ومتداخلة فيما بينها، وتتنامى وتتطور حسب بيئة الفرد التي يعيش فيها، وحسب سلوكياته المكتسبة من تلك البيئة، إذ إن الإنسان يتأثر ببيئته، فكلما كانت البيئة مستقلة ومرنة في التعامل كانت عملية التفكير طبيعية وإيجابية والعكس صحيح، والسبب الثاني وشخصية الفرد أيضا لها دور رئيس في طريقة تفكيره، فعندما يكون حريصا حد القلق المرتفع فإنه من الطبيعي أن يكون ذا تفكير أحادي وزائد عن الحد الطبيعي.

الأفكار التلقائية

في ضوء ما سبق فإن التفكير الزائد يؤدي عادة إلى الأفكار التلقائية السلبية والتي هي عبارة عن صور أو كلمات تنشأ تلقائيا خلال الحياة اليومية، حيث تظهر باستمرار وتكون قابلة للتكيف بشكل عام والحقيقة بأن الإنسان معها لا يمكنه التحكم بذهنه وأفكاره في جميع الأوقات.

آلية التعامل مع الأفكار التلقائية

كما أوضح أنه وبناء على ما تقدم، فإنه لا بد من التعامل مع الأفكار التلقائية السلبية المسيطرة بكل (هدوء وعقلانية) وفق آلية علاجية فعالة متمثلة في خمسة مكونات رئيسية يحاكي فيها الفرد ذاته وقدراته، وهي: استكشاف الأفكار والتعرف عليها وتقبلها، القناعة بأنها أفكار تلقائية ولا يمكن السيطرة عليها، أن يتم نقاشها مع الذات من كل الجوانب، تجنب البحث عن أسبابها ولماذا سيطرت، أن يبقى الفرد كما كان قبل أن تداهمه تلك الأفكار.

3 مستويات

وأردف: يجب على الإنسان أن يتعلم أن التعامل مع القناعات يتم وفق 3 مستويات رئيسية، هي: معتقدات أساسية ومعتقدات تلقائية وافتراضات العلاج النفسي، كما أن هناك العديد من العلاجات النفسية المقترحة، ولكنها تختلف حسب كل حالة منفردة، وهناك طرق عامة للتعامل مع التفكير الزائد، وهناك طرق خاصة تعتمد بالدرجة الأولى على نماذج العلاج النفسي، كالعلاج المعرفي السلوكي الذي يعتمد على التفاعل النشط بين كل من المعالج والمتعالج، وهو ما يقصد به عملية تبادل الخبرات، لأن ما يقوم به المعالج ويقدمه للمتعالج يعد مبادئ أساسية للعلاج، أي أن مهمته تقتصر على القيام بدور المعلم، وهو دور موضوعي بحت بعيدا عن إصدار الأحكام المسبقة، كما أن تنفيذ الإستراتيجية المعرفية العلاجية يعتمد على مزيج خاص من التقنيات السلوكية والمعرفية المبنية على طبيعة المشكلة.

سلبيات متعددة أبرزها الوقوع في المحظور بالبحث عن معرفة الغيب لعيش الواقع

«اجتزاز التفكير» يرتبط بالماضي عن طريق الحزن والندم على السلوك السابق

«التفكير المقلق» يرتبط بالمستقبل بترك اللحظة وصولا إلى توقعات سلبية غالبا

الواجب المنزلي جزء من العلاج لزيادة مستوى النشاط واختبار التشوهات المعرفية