مها النصار

@mahanassard

الوطن لا يُحصر في سلوك أو شعور، الوطن في قلوبنا تعدَّى حسابات الجغرافيا، وعجائب التاريخ، وأعداد الرياضيات، وحقائق العلوم.

وإن اشتركنا مع بقية البلدان فقد تفرَّدنا بأسطورة الزمان، كيف لا ووطني موقع اختاره الله ليكون مهبط الوحي، ومعقل الإسلام، ومأوى الأفئدة، وقبلة للصلاة ومقصدًا للنسك.

ربما الحديث عن الوطن اليوم مختلف، وهذا نتيجة حتمية في ظل الرؤية الفريدة التي بدأ يشع نورها، ويقرب قطافها، ويظهر للعيان دلائل بزوغها.

لقد اعتدنا على الفخر بالمنجزات العظيمة، ولكن ما استجد هو التحدي الذي يجول في دواخلنا مرددًا صوت قادتنا حتى غدا الطموح لا يفارقنا.

الانتماء للوطن شرف، وكلنا شرفاء، ننهل من قيم وطننا ما يزيد من إصرارنا على بلوغ الكمال، ونتأسى بنظرتهم الثاقبة التي ترى العقبات فرصًا للتطور والنضج والاكتمال.

وما اللوائح والإجراءات الحديثة المنظمة للحياة اليوم إلا مؤشر كبير على مدى إسهام أفراد المجتمع الفاعل والإيجابي في دعم أجهزة الدولة على الخير والصلاح، فالثبات الذي تميَّز به أبناء الوطن أمام المستجدات الطارئة على الصعيدَين الداخلي والعالمي لهو دلالة على العرق النبيل، والوفاء الجميل الذي تربى عليه الآباء، وورثه أبناء الجيل، فلا عقوق للوطن، ولا زعزعة للأمن.

الإنسان في وطني أيًّا كان مكانه، شهادته، وعمله، هو مكسب وجوهر ومعين لردم كل صدع أمام أي صراع؛ لذا هو مَن يحفظ جميل الوطن ويورثه، ويحرص على أداء معروفه، فلا يصف أهله بالتخلف والرجعية، ويشارك في الحوار، ويبادر في الاعتذار، ينأى عن الإفرازات الفئوية الممقوتة، ويتقبل التعدد الثقافي، ويتعايش مع المختلف، وعند قضايا الاختلاف الفكري تلتقي كل الرؤوس في محك الوطن، مقدمة الإيثار.

وهذا ما شكّل صمودنا أمام كل ذوبان، فصيانة النفس والأهل والوطن طهارة أخلاقية شكَّلت عرين الوطن بالبياض، فكلنا محمد والعرين سلمان.