عبدالله الغنام

abdullaghannam@

مر علينا في هذا الشهر (سبتمبر) يوم عالمي مهم، ولكنه مر بهدوء، ولست أعرف لماذا؟ وهو يوم يهتم بفئة من المجتمع قد نغفل عنها، وهم الذين لا يحسنون القراءة والكتابة. يوافق (8) سبتمبر من كل سنة (اليوم الدولي لمحو الأمية) بحسب روزنامة هيئة الأمم للأيام الدولية.

وفكرة محو الأمية أصبحت رسمية عالميا حين تبنتها منظمة اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) عام (1966م) لتكون مناسبة سنوية. والمقصود منها تذكير المجتمع الدولي بأهمية القراءة والكتابة، وكذلك من أجل تكثيف الجهود والبرامج والدورات من أجل الإلمام بالمهارات الأساسية والضرورية للقراءة والكتابة. بل مسألة محو الأمية هي من ضمن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وهي كذلك ضمن جدول أعمال الأمم المتحدة (2030).

التعليم في زمننا هذا صار من أهم الضروريات، خصوصا مع طغيان التقنية في كل مكان، وأصبحت القراءة والكتابة، والتخاطب بالرسائل والتعامل مع الجوال والتطبيقات فضلا عن المعاملات المالية وغيرها من الأساسيات وليست من الكماليات. بل أصبح مطلوبا منك معرفة ما لك من حقوق وما عليك من واجبات، وكلها تحتاج على الأقل إلى المعرفة والإلمام بالقراءة. بل أبعد من ذلك نحن نحتاجها عند شراء المنتجات الأساسية والتغذية والأدوية وغيرها من السلع الضرورية. ومحو الأمية غاية مهمة خصوصا لكبار السن من أجل أن يندمجوا ويتواصلوا معنا في العصر التقني، حيث أصبحت القراءة والكتابة بلا أدنى شك من الضروريات الحياتية.

ونقلا عن عكاظ (7 يناير 2022م) فقد بذلت وزارة التعليم جهوداً كبيرة في خفض نسبة الأمية في المملكة من (5.6%) في (2019م) إلى (3.7%) في (2021م). وهذا من الأخبار المبهجة والتي تعني أن نسبة المتعلمين في المملكة بلغت (96.3%). والشيء بالشيء يذكر، فقد قرأت في بعض المصادر أن اليابان نسبتها صفر في الأمية! وهذا الهدف أظنه قابل للتحقيق وليس بصعب مع زيادة الاهتمام بهذه الفئة من المجتمع، وزيادة وتكثيف البرامج لهم على مدار السنة، فربما خلال سنوت قليلة قادمة نصل إلى نسبة صفر أمية في مجتمعنا. وتصبح كلمة أمية من الماضي. فنحن كنا وما زلنا أمة (اقرأ).

ولو تتبعنا مسألة محو الأمية من ناحية تاريخية، فقد جاء في السيرة النبوية ما يبين الاهتمام بهذا الجانب، فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداءهم أن يعلِّموا أولاد الأنصار الكتابة». وهذا يدل بوضوح على أهمية العلم والتعليم، وأنه جزء من بناء المجتمع الحديث الحضاري.

وهدف أن يصبح لدينا صفر في نسبة الأمية يجرنا إلى الحديث عن هدف أكبر، وهو أن يصبح نسبة المتعلمين من أعلى النسب مقارنة بالدول الأخرى، وأن يكون المجتمع ككل من أصحاب الشهادات المختلفة سواء الجامعية أو الدبلوم أو التقنية أو المهنية. فالتعليم يعتبر السر الأول والأخير في نهضة الأمم. وأعود هنا مرة أخرى لأذكركم بكلمة الوزير والشاعر والأديب غازي القصيبي -رحمه الله- في كتابه (التنمية الأسئلة الكبرى) حيث قال: «الطريق إلى التنمية يمر أولاً بالتعليم وثانياً بالتعليم وثالثاً بالتعليم، باختصار هو الكلمة الأولى والأخيرة في ملحمة التنمية».

محو الأمية للأبد ممكن، وما نحن اليوم عن الهدف ببعيد.