اليوم- الدمام

رب ضارة نافعة، فأزمة الطاقة التي تضرب أوروبا حاليًا ما هي إلا استفادة للعديد من الدول الأخرى، وما يصيب اقتصاد القارة العجوز بالركود هو نفسه ما ينمو باقتصادات بلاد أخرى، ومن المتوقع أن تكون الولايات المتحدة المستفيد الأكبر خلال الشتاء القادم.

وأمام دول الاتحاد الأوروبي خيارات قليلة للتزود بالغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال، بسبب التزام كبار المصدرين في آسيا وأفريقيا بعقود طويلة الأجل من كبار المستهلكين في شرق آسيا، فلم يتبقى أمامها سوى الولايات المتحدة الأمريكية أو النرويج.

أمريكا المستفيد الأول من أزمة الطاقة

وقالت صحيفة فايننشال تايمز، إنه من المتوقع أن تكون الولايات المتحدة المستفيد الأكبر، خلال الشتاء القادم، حيث أن أزمة الطاقة في القارة ستسمح للمنتجين الأمريكيين بتصدير الغاز بفائدة كبيرة.

وتمتلك الولايات المتحدة موارد ضخمة، إضافة إلى أن إنتاج الغاز ليس مكلفا بالنسبة لها، بسبب البنية التحتية الجيدة، فسيكون من السهل تطوير الغاز الأمريكي بتكلفة معقولة للغاية وبيعه بعلاوة كبيرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن أوروبا تمكنت من تأمين كميات كافية من الغاز، لأنها دفعت سعرا أعلى من الدول الأخرى، إضافة إلى وجود مرافق كبيرة لتخزين الغاز بأوروبا، فكل جزيء يمكن إنتاجه اليوم، يتم بيعه لمن هو على استعداد لدفع سعر أعلى.

ناقلات الغاز الطبيعي المسال - رويترز

أوروبا مدينة للنرويج

وإضافة إلى أمريكا فإن النرويج الديمقراطية زادت أهميتها لأوروبا، حيث سجلت صادرات النرويج للقارة العجوز، مستوى قياسيا جديدًا بلغ 128.4 مليار كرونة 13.26 مليار دولار في يوليو الماضي ، مع توقعات أن تنتج النرويج نحو 122 مليار متر مكعب من الغاز هذا العام، بزيادة قدرها 8% عن 2021، وربما يتجاوز الرقم القياسي المسجل قبل خمس سنوات.

وتوقعت مديرية البترول النرويجية في يناير أن يصل إنتاج الغاز إلى 118 مليار متر مكعب بحلول عام 2026،وتشكل إمدادات الغاز النرويجية نحو ربع إمدادات القارة من الغاز؛ ونحو 40% من إمدادات المملكة المتحدة، فيما توقعت أن تقترب عائداتها من النفط والغاز بالفعل من 100 مليار يورو هذا العام؛ في بلد يبلغ عدد سكانه 5.4 مليون شخص.

ولكن في الوقت ذاته، زيادة اعتماد النرويج على عائدات الغاز الذي تصدره إلى أوروبا، يضعها تحت مقصلة التقلبات السعرية لأسعار الطاقة، وبالفعل خسر صندوق ثروتها السيادي الذي يستثمر عائدات عقود من إنتاج النفط والغاز بنسبة 14.4% أو 174 مليار دولار، في النصف الأول من هذا العام، أي أكثر مما يمكن أن تحققه الحكومة من أسعار النفط والغاز القياسية.

توقف خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 1" جعل أوروبا في أزمة طاقة كبيرة - رويترز