لم أكن أتخيَّل أن مقالي الأسبوعي هذه المرة سيتزامن مع اليوم الوطني لبلادي في سنته الثانية والتسعين، وقبل أن يجرفني سيل المشاعر، أريد أن أضع تعريفًا للوطن، ثم أتحدث عنه. بحثت عن تعريف للوطن فوجدت أنه عبارة عن المكان الذي يرتبط به الشعب ارتباطا تاريخيا طويلا، والمنطقة التي تولدت فيها الهوية الوطنية له. وتعريف آخر يقول: ويُقال «يطن» وطنًا: أي أقام بِهِ، وأوطن المكان أي اتّخذهُ وطنًا، وَطّنَ بالبلد أي اتخذه مسكنًا ومحلًّا، والوطن مكان إقامة المرء ومُستقره، ويُنسَبُ انتماؤه إلى وطنه، سواء وُلد فيه أم لم يُولد فيه، بل هو أو أهله يعودون إليه.
والحقيقة هي أن بحثت عن تعريف لوطني «المملكة العربية السعودية» هذا الوطن العظيم الشامخ، فلا أجد إلا أن يكون تعريفي له أن الوطن أوسع بكثير من مجرد مكان، ومجرد هوية، بل هو ولاء وانتماء وعمل في كل الظروف، الولاء هو بيعة للحاكم على المنشط والمكره والانتماء هو كالعروق الثابتة في ترابه للدفاع عنه وعن قضاياه ومصالحه، والوقوف ضد أعدائه، والعمل على تنمية مكاسبه، والحفاظ على ثرواته وعلوه ورفعته، واحترام نظامه وقوانينه وتطوره وازدهاره، ما بالنا إن اجتمع كل ذلك مع وطن يحتضن أطهر بقعتَين شريفتَين، وبوصلة كل مسلمي الدنيا خمس مرات كل يوم ومكان لشعيرة هي أحد أركان الإسلام، أليس هذا كله شرفًا عظيمًا اختص به الله هذا الوطن حكامًا وشعبًا؟.
وطن وصلت خيراته أقصى بقاع الأرض، فما من بلد منكوب إلا وتقدمنا كل جسور الجو والبر والبحر إليه دواء وغذاء. وطني تواتر عليه الحكم أساسًا وبيعة بكتاب الله وسُنَّة رسوله، واحترامًا وإجلالًا من مؤسِّسه الملك عبدالعزيز «رحمه الله» إلى يومنا الحالي وإلى الأبد «بإذن الله».
وطن دعم كل قضايا الإسلام والمسلمين والعروبة بكل ما أوتي من قوة، وطن وقف مترصدًا لكل مَن حاول النيل من كل تلك القضايا، وطن بُنِي على بيعة في الأعناق والولاء لحكامه، وطن ترفرف على بيارقه كلمة التوحيد أساس العقيدة مع الله «سبحانه وتعالى» (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، خضراء كأجمل لون في الطبيعة. كل هذا لو اجتمع فقد يعبّر عن تعريف لوطني، وأجزم بأنه لا يكفيه، فوطني ليس مكانًا فقط ولا زمانا، بل هو تاريخ عتيد مجيد، وجغرافيا ثابتة راسخة قوية لا تتزحزح.
اللهم احفظ ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده، وأطل في عمرهما، واحفظ أهلنا من كل شر، وزِد وطننا علوًّا ورفعة وعزة، وانصره في كل مكان، واكفه شر كل حاقد وحاسد.
وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل أودعكم قائلًا: (النيّات الطيبة لا تخسر أبدًا).. في أمان الله.
@Majid_alsuhaimi