الحنين إلى الوطن شعور داخلي يصعب وصفه رافقني طيلة أيام حياتي منذ نعومة أظافري إلى يومنا هذا، ولا ينتابني أدنى شك أن يغادرني هذا الشعور في يوم من الأيام، فقد أصبح جزءا لا يتجزأ من هويتي، كيف لا أحن إلى وطن نشأ فيه وأرضعتني أمي حبه منذ الصغر؟ كيف لا أشتاق إلى من كان حبه فطريا لأرض يسكنها من أحب؟ وطن يسكنه الأهل والأصحاب، وطن وجدنا فيه الملجأ والأمان.
وقد نعتبر أن الغربة عن الوطن ابتلاء، ففي قصة هجرة خير البشر نبينا المصطفى صلى عليه الله وسلم إلى المدينة المنورة لنا قدوة، فعن عبدالله بن عدي بن الحمراء أنه سمع النبي (ﷺ) يقول وهو واقف بالحزورة في سوق مكة: (والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت)، وعندما بلغ الشوق والحنين من المصطفى أنزل الله -عز وجل- قوله تعالى: (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) أي إلى مكة فيجدر بنا أن نقتدي به صلى الله عليه وسلم.
حب الوطن لا يقتصر على الأحاسيس والأقوال، إنما يمتد إلى الأعمال من هذه الأعمال السهر والعمل الدأب على حمايته ونيل الرفعة والازدهار له، ومن الأبيات الدالة على هذا قول الكاظمي:
ومن لم تكن أوطانه مفخرا له
فليس له في موطن المجد نفخر
ومن لم يبن في قومه ناصحا لهم
فما هو إلا خائن يتستر
ومن كان في أوطانه حاميا لها
فذكراه مسك في الأنام وعنبر
ومن لم يكن من دون أوطانه حمى
فذاك جبان بل أخس وأحقر
الوطن هو الكيان الذي يضم فيه جميع فئات المجتمع، فهو لم ولن يكن في يوم حكرا على أحد دون الآخر، فهو الأم، ولا يفرق بين أحد من الأبناء ولا يفضل شخصا على آخر، ومن واجبنا صغارا وكبارا أن نسمو به في سماء العلم.
@D_Alswekit