حسين السنونة - الرياض

مناسبة مهمة لمزيد من التعاون المتنامي بين البلدين الشقيقين

التكامل الثقافي له دور أساسي ومميز في توحيد المسار العربي وتماسكه

• ماذا يعني اختيار دولة تونس ضيف شرف في معرض الرياض الدولي للكتاب؟

- أولا: شكرا جزيلا للمملكة العربية السعودية الشقيقة على هذا الاختيار، فاختيار تونس كضيف شرف في هذا الحدث الثقافي الكبير بالرياض هو بمثابة تكريم لتونس بصفة عامة وللثقافة التونسية والكتاب التونسي، وكذلك للكتاب والناشرين التونسيين بصفة خاصة، وسيكون معرض الرياض الدولي، بإذن الله، مناسبة مهمة لمزيد من التعاون الثقافي والأدبي بين تونس والمملكة الشقيقة، الذي يشهد تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، لا سيما من خلال المشاركة المكثفة في مختلف الفعاليات الثقافية التي ينظمها البلدان.

• تماهي الثقافتين السعودية والتونسية يثري المشهد الثقافي العربي.. كيف ذلك؟

- التماهي بين الثقافتين مسألة بديهية بما أنهما نابعتان من بيئة عربية إسلامية، والثقافتان تكملان بعضهما البعض، كما أن توجه البلدين إلى الاهتمام بالمحافظة على التراث الثقافي الغزير من شأنه أن يثري المشهد الثقافي العربي ويحصنه من مخاطر الاختراق، وهذا يعني أن التكامل الثقافي له دور أساسي ومميز في توحيد المسار الثقافي العربي وتماسكه على امتداد الساحة العربية.

• كيف ترى التطور الثقافي والأدبي في المملكة؟

- في الحقيقة هناك تطور ثقافي وأدبي كبير في المملكة، وذلك يعود إلى عدة أسباب، أبرزها: السياسة الحكيمة في جميع المجالات لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان «حفظهما الله»، التي أولت الشأن الثقافي المكانة التي يستحقها، لا سيما من خلال إنشاء وزارة الثقافة ومنحها صلاحيات كاملة، وذلك بهدف تعزيز وترسيخ الهوية الثقافية السعودية والمحافظة عليها تماشيا مع رؤية المملكة 2030، كما أسهمت عدة عوامل في التطور الثقافي والأدبي بالمملكة، من بينها نشاط حركة التأليف والنشر، وانتشار الجمعيات العلمية، التي أنشأتها الجامعات السعودية، والتي تسعى إلى تنمية الفكر العلمي والعمل على تطويره وتنشيطه، والتي خدمت كثيرا الثقافة في المملكة، من خلال إصداراتها وتنظيم الندوات والمحاضرات ونشر الكتب، بالإضافة إلى الجوائز الثقافية التي من أشهرها جائزة الملك فيصل العالمية، التي أنشأتها مؤسسة الملك فيصل الخيرية سنة 1397هـ/1977م.

• حدثنا عن البرامج والمشاركات التونسية في معرض الكتاب؟

- وزارة الشؤون الثقافية التونسية تعمل الآن على إعداد برنامج المشاركة، التي ستكون تحت إشرافها، وستكون هناك إن شاء الله العديد من الندوات والجلسات الحوارية واللقاءات التي سيديرها مختصون وأساتذة ودكاترة.

• هل اطلعت على كتابات شعراء وروائيين وقاصين من المملكة؟

- طبعا هناك العديد من الكتّاب والشعراء والروائيين والقاصين في المملكة الشقيقة، ويستحضرني في هذا الصدد د. غازي القصيبي، -رحمه الله-، المثقف الاستثنائي فهو الشاعر والأديب والكاتب والدبلوماسي والوزير، ومن الذين أسهموا في إثراء المكتبة العربية بمؤلفاتهم الغزيرة، وتميز أسلوبه بالسلاسة والطرافة ويعد كتابه «حياة في الإدارة» مرجعا في فن الإدارة، وهو خلاصة تجربة ثرية ومرجع لتطوير الذات، ونظرا للأهمية التي يكتسبها تم إدراجه ضمن المقررات الرسمية لطلاب المرحلة الثانوية بالمملكة.

• ما أكثر ما يشد انتباهك في الثقافة السعودية؟

- تشهد المملكة الشقيقة في هذا العهد الزاهر المزيد من التطور في جميع المجالات، فمنذ 25 أبريل 2016 بدأت الرحلة إلى المستقبل الواعد والأفضل، حينما أسس صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد، رؤية المملكة 2030، كأحد أكبر برامج التحول الوطني على الصعيد العالمي، وهي خطة وطنية وتنموية شاملة، ستحول المملكة، بإذن الله تعالى، إلى أنموذج رائد في العالم، وعلى المستوى الثقافي شد انتباهي التنوع الثقافي في المملكة الشقيقة، إذ تمتلك كل منطقة من مناطق هذا البلد المبارك ثقافتها الفريدة، وتتغنى بموسيقاها الخاصة، وتمتلك أسلوبها السردي الذي ينتج قصة ملائمة للسينما والمسرح، كما تتمتع كل منطقة بطباعها وتضاريسها المميزة التي تنعكس على العمران الفريد، وتتنوع أطباقها وتحاك ملابسها بشكل ينسجم مع ثقافة المنطقة، وهذا التنوع يعد مصدر ثراء كبير للثقافة السعودية.

• حدثنا عن الثقافة التونسية، خاصة الجانب الأدبي منها؟

- الثقافة التونسية نتاج أكثر من ثلاثة آلاف سنة من الحضارة، وتتميز بتنوع كبير بحكم احتواء تونس لكل ما هو أمازيغي وعربي وإسلامي وأفريقي ومتوسطي، ويرجع تاريخ الأدب التونسي إلى القرن السابع ميلادي، تاريخ الفتح الإسلامي للبلاد، ويطغى مجال الرواية والشعر والنقد الأدبي على أغلب المنشورات الأدبية الحالية، وهناك العديد من أعلام القصة والرواية والشعر، من بينهم الأديب الكبير محمود المسعدي، والشاعر الكبير أبو القاسم الشابي.

• كيف ترى صمود الكتاب الورقي في عالم التكنولوجيا والتطورات المدهشة في العالم؟

- مجرد تنظيم معارض الكتاب في عالم التكنولوجيا والتطورات المذهلة في العالم، لهو دليل واضح على صمود الكتاب الورقي في عالم اليوم، كما أن مشاهدتي عند زياراتي للمكتبات بالمملكة، للعديد من المواطنين السعوديين وهم يتصفحون الكتب ويقتنونها هو دليل آخر على التمسك والشغف بالكتاب الورقي، رغم التطور التكنولوجي المذهل المتاح للجميع، لكن السؤال المطروح هو: إلى أي مدى يمكن أن يستمر هذا الصمود؟ من وجهة نظري سيبقى الكتاب الورقي صامدا إلى فترة زمنية غير قصيرة وهو ما أتمناه حقيقة.

• هل ترى أن معارض الكتاب مهمة للقارئ؟

- معارض الكتاب بمثابة عيد للكتاب والكتاب والقراء، ومنصة للشركات والمؤسسات والأفراد العاملين والمهتمين بقطاع صناعة الكتب والنشر لعرض منتجاتهم وخدماتهم، إضافة إلى دوره الأساسي في تعزيز وتنمية العادات والمهارات في مجال القراءة صلب المجتمع، وزيادة الوعي المعرفي والثقافي والأدبي والفني، وذلك عبر تحفيز الأفراد وتشجيعهم على زيارة معارض الكتب للاطلاع عليها واقتنائها، وحضور المؤتمرات وورش العمل والندوات والمحاضرات الثقافية والأدبية والفنية والمبادرات المصاحبة للمعرض.

• هل حضرت سابقا معرض الكتاب في الرياض؟

- زرت في شهر أكتوبر الماضي معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي أشرفت على تنظيم فعالياته ولأول مرة في تاريخه هيئة الأدب والنشر والترجمة، وقد مثل حدثا ثقافيا كبيرا، وانبهرت بعدد دور النشر المشاركة، وتنوع وثراء الفعاليات الثقافية المصاحبة، فضلا عن التنظيم الرائع والإقبال الكبير الذي شهده.

• ماذا تتمنى لتونس والسعودية في المستقبل من خلال العلاقات الثقافية والسياحية؟

- أتمنى مزيدا من تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين في جميع المجالات، لا سيما أن الآفاق واعدة والفرص متاحة، وهناك عزم راسخ من رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد وأخيه حضرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على تطوير مختلف أوجه التعاون، والارتقاء به إلى مرتبة الشراكة الفاعلة والمتضامنة، وذلك تجسيدا للعلاقات الأخوية التاريخية المتميزة بين الجمهورية التونسية، وشقيقتها المملكة العربية السعودية.

• كلمة أخيرة توجهها إلى القارئ؟

- لا يسعني إلا أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى جريدتكم الغراء على اهتمامها الكبير بالشأن الثقافي، كما نتطلع من جانبنا إلى مشاركة متميزة للمملكة العربية السعودية الشقيقة، مثلما عودتنا دائما على مر السنين، في الدورة 37 لمعرض تونس الدولي للكتاب، الذي سيتم تنظيمه -إن شاء الله- خلال شهر أبريل من السنة المقبلة، وأريد أن أنتهز هذه الفرصة لأتقدم بأحر التهاني وأجمل التمنيات إلى أشقائنا في المملكة، بمناسبة اليوم الوطني 92، راجيا من الله العلي القدير أن يحفظ هذه البلاد وشعبها الطيب وقيادتها الرشيدة.

تنظيم المعارض ونجاحها دليل على صمود الكتاب الورقي أمام التكنولوجيا

التماهي بين الثقافتين مسألة بديهية بما أنهما نابعتان من بيئة عربية إسلامية

وزارة الشؤون الثقافية التونسية تعمل بدأب على إعداد برنامج المشاركة

غازي القصيبي مثقف استثنائي أثرى المكتبة العربية بمؤلفاته الغزيرة