@shlash2020
- ممكن تقدم لي خدمة!
- «أبشر»!
ثم يمر اليوم واليومان والشهر والشهران، ولم يتم تنفيذ المطلوب رغم أنه لم يجبره أحد على الوعد بـ«أبشر»، وكان يستطيع قول: لا!، لجماعة أبشر المزيفة أقدم هذه القصة، التي ذكرها شهاب الدين الأبشيهي في (المستطرف في كل فن مستظرف) وما أكثر القصص المعبرة في تاريخنا العظيم، حيث كتب الأبشيهي: كقضية الطائي وشريك نديم النعمان بن المنذر، وتلخيص معناها أن النعمان كان قد جعل له يومين، يوم بؤس مَن صادفه فيه قتله وأرداه، ويوم نعيم مَن لقيه فيه أحسن إليه وأغناه، وكان هذا الطائي قد رماه حادث دهره بسهام فاقته وفقره، فأخرجته الفاقة من محل استقراره ليرتاد شيئا لصبيته وصغاره، فبينما هو كذلك إذ صادف النعمان في يوم بؤسه، فعلم أنه مقتول، وطلب من النعمان أن يمهله حتى يوصل ما كسبه لأولاده، ويوصي بهم ثم يعود ويسلم نفسه، فقال النعمان: لا آذن لك حتى يضمنك رجل معنا، فإن لم ترجع قتلناه، وكان شريك بن عدي نديم النعمان، فالتفت الطائي إلى شريك، وطلب أن يضمنه، فقال شريك: أصلح الله الملك، عليّ ضمانه، فخرج الطائي مسرعا لدياره، مضى النهار والطائي لم يعد، فلما قرب المساء، قال النعمان لشريك: قد جاء وقتك، قم فتأهب للقتل. فقال شريك: هذا شخص قد لاح مقبلا، وأرجو أن يكون الطائي، فإن لم يكن فأمر الملك ممتثل.
قال فبينما هم كذلك، وإذا بالطائي قد اشتد عدوه في سيره مسرعا حتى وصل. فقال: خشيت أن ينقضي النهار قبل وصولي. ثم وقف قائما، وقال: أيها الملك مر بأمرك. فأطرق النعمان ثم رفع رأسه، وقال: والله ما رأيت أعجب منكما، أما أنت يا طائي فما تركت لأحد في الوفاء مقاماً يقوم فيه ولا ذكراً يفتخر به، وأما أنت يا شريك فما تركت لكريم سماحة يذكر بها في الكرماء، فلا أكون أنا ألأم الثلاثة ألا وإني قد رفعت يوم بؤسي عن الناس، ونقضت عادتي كرامة لوفاء الطائي وكرم شريك.
«أبشر» ليست سهلة حتى يتلاعب بها البعض! «أبشر» كلمة عظيمة يجب أن نعطيها حقها، ولا نجعلها مرادفة لإخلاف الوعد!
اتقوا الله في «أبشر»! اتقوا الله في قيمكم العظيمة، ومَن لم يستطع تحمل مسؤولية «أبشر»، فليقل: لا! وهي أرحم ولا شك.