@ma_alosaimi
أنا من جيل الطيبين، الذين كانوا يوسطون (طوب الأرض) للحصول على مقعد طيران إلى جدة، أو الدمام، أو أي محطة محلية أو دولية. كانت فرحة الحصول على مقعد، في تلك الأيام الخوالي، تشبه فرحة الولهان برضا البنت الحلوة، التي يحبها. نعم إلى هذه الدرجة كانت صعوبة الارتحال الجوي ومنغصاته، التي لو سردت بعضها عليكم لاحتجت إلى صفحات وصفحات!!
الآن، في هذا العهد الزاهر، نحن بصدد حالة نقل جوي رائعة وغير مسبوقة في المملكة. ومن أهم مؤشرات هذه الحالة الإعلان عن إطلاق شركة الطيران الجديدة التابعة لصندوق الاستثمارات العامة «ريا» بقيمة استثمار تبلغ نحو 30 مليارا. وهذا ينسجم تماماً مع الخطط الطموحة لرؤية 2030، التي تستهدف رفع مستوى النقل الجوي الداخلي، وربط المملكة مع مزيد من الوجهات الدولية، واستثمار موقعها الإستراتيجي كحلقة وصل بين القارات. في الوقت الحاضر، تبلغ نسبة الحركة الجوية من الشرق الأوسط في المملكة حوالي 60 %، وتبلغ نسبة آسيا والمحيط الهادي حوالي 20 %، بينما تبلغ نسبة أفريقيا 10 %. هذه الأرقام، بطبيعة الحال، مرشحة بقوة للازدياد نتيجة الاستثمار المتنامي لإمكانات المملكة الهائلة في هذا المجال.
التقارير الصحافية الدولية مهتمة كثيراً بهذا المشهد السعودي الجوي، وأجرت العديد من القراءات والتحليلات، التي ستمكن الخطوط الجديدة «ريا»، وغيرها من ناقلاتنا الوطنية، من المنافسة الحقيقية والفاعلة مع أشهر الناقلين على المستويين الإقليمي والدولي.
الطريق طويل وإنجاز صناعة طيران سعودية، قوية ومنافسة، يحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد لبناء السمة وترسيخ الثقة بها على مستوى العالم. وعلى هذا الطريق سجل طيران «ناس»، على سبيل المثال، نجاحاً وطنياً كبيراً حين نال، في نفس يومنا الوطني، جائزة «سكاي تراكس»، التي تُعد أهم جائزة على المستوى الدولي في عالم الطيران، باعتباره أفضل طيران اقتصادي في الشرق الأوسط. وزاحم هذا الناقل السعودي، الذي بدأ عملياته لأول مرة عام 2007، أهم الأسماء العالمية بعد أن أصبح ضمن أكثر شركات الطيران العالمية تتويجاً بجوائز «سكاي تراكس»، التي تلقب بجوائز «أوسكار الطيران» لقيمتها المهنية المرتفعة. وسبقت طيران «ناس» خطوطنا العتيدة الخطوط السعودية بالحصول على عدد من الجوائز المتميزة دوليا. وليس لدي شك بأن «ريا» ستنافس وتحصد العديد من جوائز الطيران؛ بمجرد أن تُحلق طائراتها مشفوعة بهدير الإرادة السعودية، التي لم تعد تعرف صعباً أو مستحيلاً. اللهم زد وبارك.