مي العتيبي

ألاحظ مؤخرا - وأنا للأسف من الأشخاص مرتفعي الملاحظة للأشياء غير الملحوظة - أن ثمة قواعد دخيلة وعجيبة تتعلق «بالبريستيج» تنتشر بسرعة في مجتمعنا بشكل يجعلني أتساءل عن أسباب هذا الانتشار رغم ارتفاع الفرص للحصول على الوعي والعلم والارتقاء بالإنسانية، بينما يثبت هذا الانتشار أن العكس هو الصحيح أو إن جاز لي التعبير: هي تصرفات جاهلية والسلام!

فعندما أشاهد بعض الوجوه تستكثر على ملامحها الابتسامة ظنا أنها بهذا النمط الحجري البائد تكسب الوجاهة أعلم أني أمام تصرف جاهلي أرعن، وعندما أتابع أحاديث البعض التي تخرج من أفواههم بالقطارة لدواعي تفخيم الصوت وتغليظه وبقية العمل الجهيد على طبقات هذا الصوت المسكين - وعليك تخيل أن كل هذا في مجرد حديث وليس أغنية - طمعا في ترسيخ صورة أنيقة عن أصحاب هذا النهج أوقن أني أمام جهل «شاطح» للأناقة.. والأدهى والأمر من يعتقد أن إلقاء السلام والتحايا أو ردها تقليل من مكانة الإنسان لدى الآخرين وخدش لفخامة بريستيجه!!! وهذا النوع تحديدا لا يمكن حتى قياس درجة الجهل الذي يعاني منه صاحبه ليعاقب نفسه بهذا العقاب المبتكر أمام الله وخلقه.

ولحسن الحظ أن العادات الإنسانية السليمة يا سادة فرصة متاحة لجميع البشر، وهي أعمق من تسطيحها ببدع وأفكار لا تدل إلا على انتكاس في الفطرة الإنسانية الجميلة، وتشويه متعمد يجعلني أتدبر: ما الذي اقترف بحق هذا الشخص ليغرس النقص في قلبه ويخرج لنا بهذه النسخة المسكينة إلى هذا الحد؟

وماذا لو أقمنا الموازين؟ وآمنا أن الابتسامة في وجه الآخر صدقة وسحر وتربيت على الكتف، وأن العفوية في الصوت والحديث هويتك التي خصك الله بها دون حاجة لمخلوق يعلمك كيف يجب أن يبدو صوتك وكيف يجب أن تتحدث، وأن السباق في المبادرة بالسلام ورده أمان لك ومنك وعليك؟ ماذا لو عدنا قليلا كأبناء وأحفاد أهل هذه البادية الطيبين البسطاء ولكن في حلل فاخرة وسيارات فارهة ومساكن «مودرن» رائعة؟

حساب تويتر: ‏‫⁦‪@maiashaq