اليوم- طاهر عبد العزيز

لقد عاش آبائي وأجدادي مئات السنين على ثمار تلك الأشجار التي تراها، ونحن مستعدّون لنعود إلى الخيام ونعيش مثلهم ونستغني عن البترول، إذا استمرّ الأقوياء -وأنتم في طليعتهم- في مساعدة عدونا علينا.

بتلك الكلمات التي وجَّهها الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز -رحمه الله- إلى وزير خارجية أمريكا، هنري كسينجر، بيَّن الموقف السعودي من الدعم الأمريكي والغربي لإسرائيل في حربها ضد مصر وسوريا، في السادس من أكتوبر عام 1973، موضحًا أن المملكة تقف جنبًا إلى جنب مع أشقائها العرب داعمة إياهم بكل الطرق لاسترداد حقهم المشروع.

السعودية تباغت الغرب بقطع البترول

كشفت وثائق بريطانية أوردتها الـ بي بي سي، أن الغرب تفاجأ خلال حرب 6 أكتوبر 73 بقطع العرب البترول عنهم، بقيادة المملكة العربية السعودية، بعد أن قلَّلت الإدارة الأمريكية من تجرؤّ العرب على اتّخاذ قرار مثل هذا.

ولم تكد تمض عشرة أيام فقط من بدء الحرب، حتى كانت كلمة العرب مُوحَّدة تحت قيادة الملك فيصل -رحمه الله- بقطع الإمداد النفطي عن كل من يدعم إسرائيل.



وتشير الوثائق إلى أنه بعد أربعة أيام من الدعم الأمريكي بجسر جوي لنقل سلاحها إلى إسرائيل، سلَّمت الخارجية السعودية للسفارة البريطانية مذكرة اعتراض على الخطوة الأمريكية، وحذرت من استخدام المملكة سلاحَ النفط في مواجهة التحيّز الأمريكي لصالح إسرائيل، الأمر الذي سبَّب صدمة للبريطانيينن الذين استبعدوا إقدام العرب على مثل هذه الخطوة.

أمريكا تطلب استئناف تصدير النفط والسعودية ترفض

على الرغم من التحذير السعودي الصارم، واصل الغرب دعمه لإسرائيل، ما جعل السعودية والعراق وإيران والجزائر والكويت والإمارات وقطر، يعلنون زيادة أسعار النفط وخفض الإنتاج في 16 من أكتوبر، وتبعه قرار بحظر تام لتوريد النفط إلى الدول المؤدية لإسرائيل.



هذه التطورات الخطيرة قادت هنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكي، لزيارة السعودية، أملًا في تغيير موقفها.

وفي الـ 8 من نوفمبر 1973 سارع كيسنجر لاحتواء الموقف ومحاولة إثناء السعوديين عن قرارهم، غير انه صُدم بكلمات الملك فيصل بأن المملكة مستمرة في قرارها حتى تنسحب إسرائيل من كامل الأراضي العربية التي احتلتها.

الدعم السعودي سابق لحرب أكتوبر

بالعودة إلى بي بي سي، نجدها تنقل تلميحًا للرئيس المصري أنور السادات -خلال أحد خطاباته الاحتفالية بعيد العمال بعد الحرب- بوعد السعودية قبل الحرب باستخدام النفط سلاحًا ضد إسرائيل حال تدخّل الغرب لدعمها.

وعمومًا فإن الدعم العربي عامة والسعودي بصفة خاصة كان مرافقًا للمصريين في حروبهم ضد إسرائيل، إذ وجَّه الملك فيصل نداءً إلى الزعماء العرب بتقديم المساندة للدول المُعتَدى عليها، إبّان حرب 1967 ما ساعدهم على تخطي أزمتهم.