بدر الخالدي

لماذا نجعل الأفراد الذين نحبهم أو نؤمن بأفكارهم وإنجازاتهم فوق النقد؟ ونتعصب لأجل شخص وندافع عنه؟ ألم تسأل لماذا ينظر لشخص ما أنه منزه من الخطأ، وأن نقده من المحرمات بمجرد أنك آمنت بفكره؟

لماذا يكون التحيز لشخص بمجرد فكرته، لماذا ميولك له والدفاع عن شخصه؟ لماذا لا تكون انتقاديا للأفكار وليس انتقائيا للأشخاص فلو أخذ المقدسون للأشخاص اليوم من القاعدة التي انطلق منها علماء الأمة قديما وفهموا معاني الكلمات الخالدة للإمام مالك والشافعي رحمهما الله لابتعدوا عن تقديس الأشخاص، فالإمام مالك قال ما وافق مذهبي من الكتاب والسنة فخذوا به وما لا فاضربوا به عرض الحائط، وقال كل كلام يؤخذ منه ويرد إلا كلام صاحب هذا القبر، وأشار إلى قبر سيد الخلق، كما أن الإمام الشافعي أصل لقاعدة تمنع تقديس الأشخاص وذلك بقول ..

رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب..

فعندما تدخل على تعليقات إحدى منصات برامج التواصل الاجتماعي الخاصة بمنشور عن لاعب مشهور أو شيخ جليل أو مفكر عالم ترى أن الأغلب يميل لهذا أو ذاك ويتعصب لرأيه ولا يكتفي بذلك بل يذهب لما هو أبعد من ذلك حينما يشتم فلان الذي يمدح الطرف الآخر ويتشعب الأمر ويتكاثر اللغط، ألا يحتمل الموقف أن هذا وهذا جميعهم لهم فكر معين أو إنجاز محدد فبالتالي المشكلة بالمتلقي لماذا هذا التعصب لرأي فلان عن فلان وجعل نفسك مدينا لدفاعك عن أحد بدل أن يكون لك فكر مستقل ومستنبط من جميع الآراء التي تسمعها، ولعلاج هذه المعضلة.. أولا ألا يكون تفكيرك متصلبا حيث التفكير الذي يقوم على الجمود والمفاهيم القديمة وأن تكون غير متجدد في أفكارك، ولا بد من الاعتراف بوجود فرق واضح بين النقد البناء الذي يبرز الإيجابيات ويشيد بها، ويعالج السلبيات ويصححها بأسلوب يبتعد عن التجريح وتناول ذات الشخص الذي نريد نقد بعض أفكاره حيث أصالة النقص البشري أرسخ من احتكار المعرفة المطلقة التي تنتج عن تقديس الأشخاص مهما كانت مستوياتهم العلمية والفكرية.

كما أن التسبب في تأليه الفرد ووضعه في مكانة تخرجه عن الطبيعة البشرية وتضفي عليه هالة من القدسية، مؤكد أن نتيجة هذه المتلازمة هي الجهل والتخلف عن مواكبة الأمم. وأخيرا آمل أن تنتبه أن ينقلب التقدير إلى تقديس مطلق وبذلك يستحكم الانغلاق ويتوقف النمو وتبدأ مرحلة الجفاف في الإبداع.

@Bdrqo