صالح شيحة

@salehsheha1

رغم أننا دائماً ما نشجع على التفكير وإعمال العقل، لكن أحياناً يجب علينا أن ننصح بالعكس وهو التوقف عن التفكير، والحرص على تعطيل العقل وإعمال القلب بدلاً منه في بعض الأمور.

فالتفكير أحياناً قد يؤذي، لأنه كما يقال، لكل شيء حد، فكما أن للحواس مثل الشم والسمع والذوق واللمس حدود وقدرات، كذلك فإن للعقل البشرى حدودا وقدرات، يجب علينا ألا نتجاوز تلك الحدود، لأن تجاوزها سيأخذنا إلى طرق سنندم على المسير فيها.

لقد أرهق العلماء وغير العلماء عقولهم، في البحث عن أسباب وجود الحروف المقطعة في بدايات بعض السور في القرآن الكريم، وقال كل واحد منهم وجهة نظر بدون الاعتماد على معلومة، وما فعلوه قد أذى كثيراً وإن بدا أن النتيجة في ظاهرها جميلة ومفيدة.

فعلى سبيل المثال، لقد أخطأ البعض في تفسير الآية الأولى من سورة طه وقالوا إن (طه) اسم من أسماء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وانتشر هذا الكلام بين عامة المسلمين، والكثير من المسلمين تم تسميتهم طه، بناءً على هذه المعلومة الخاطئة.

يجب علينا الانتباه أن هذا الأمر بسيط للغاية، ولا يحتاج منا إلى أن نكرر أخطاء مَن سبقونا، فهم قد قاموا بإتعاب أنفسهم، وكانت الراحة أمامهم، ولكنهم أرادوا لنفسهم المشقة.

يقول (الشوكاني) أحد علماء المسلمين: «إن مَن تكلم في معاني هذه الحروف بأن ذلك ما أراده الله عز وجل، فقد غلط أقبح الغلط، وركب في فهمه ودعواه أعظم الشطط».

ما أراه في موضوع الحروف المقطعة أنه لا داعى لإعمال العقل في هذا الموضوع، وأن حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَن قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف»، الذي قد عرفه السابقون ولكنهم لم ينتبهوا إلى المقصود منه، وقاموا بإجهاد أنفسهم دون داعٍ، فهذا الحديث يدعونا إلى إعمال القلب في هذا الموضوع. فما علينا إلا أن نملأ قلوبنا خيراً بالإكثار من قراءة القرآن، للإكثار من الحسنات.