زغبي يؤكد أن الاتفاق يخفي تنازلات خطيرة قدمتها السلطة بدعم أمريكي - أوروبي
تم الاتفاق بين لبنان وإسرائيل بشأن ترسيم الحدود البحرية المتنازع عليها، والإعلان عن هذا الاتفاق بشكله النهائي سيتم في الأيام القليلة المقبلة، إلا أن ما يؤكده مراقبون لـ «اليوم» أن مَن قاد هذا الاتفاق هو حزب الله وتحديدا الأمين العام للحزب حسن نصر الله، أي أنه فاوض إسرائيل على ثروات لبنان التي ستكون مصدرًا للحد من التوترات بين البلدين، وأكد النائب اللواء أشرف ريفي في تصريح لـ «اليوم» أن «حزب الله يقود المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية من خلف الأضواء»، موضحًا أن «السلطة اللبنانية الحالية عبارة عن دمى يحركها حزب الله، بحيث لا يجرؤ أحد على اتخاذ أي قرار بمعزل عن موافقة حزب الله أو من دون ضوء أخضر من الحزب، وبالتالي في ملف ترسيم الحدود البحرية أعطى حزب الله الدولة اللبنانية هذا الضوء الأخضر، كما أنه وافق على بنود الاتفاقية الرسمية».
وقال ريفي: عندما يوافق حزب الله على ولادة أي حكومة أو تنفيذ أي استحقاق دستوري يحصل ذلك، فلقد أصبحنا مثل النظام الإيراني، ففي إيران هنالك المرشد الأعلى خامنئي وفي لبنان هنالك نصر الله المرشد الأعلى للبنان والكل يسير ضمن هامش محدود ولكن بمظلة حزب الله.
طهران من الخلف
وفي السياق ذاته أكد المحلل السياسي إلياس الزغبي في تصريح لـ «اليوم»، أنه «منذ انطلاق المفاوضات حول ترسيم الحدود المائية بين لبنان وإسرائيل كان واضحًا أن «حزب الله» هو الذي يحرك الواجهة الحاكمة خصوصًا في شقيها بعبدا وعين التينة»، وقال: وليس غريبًا أن ينكشف هذا الدور لـ «حزب الله» ويخرج من الظلام إلى النور، ففي حقيقة الأمر أن الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصر الله كان يقف وراء بعبدا وعين التينة ثم في المرحلة الأخيرة وراء الحكومة لإقرار البنود التي وافق لبنان الرسمي عليها في طبعتها الأخيرة.
وقال الزغبي: هذا يعني أن «حزب الله» يتابع إمساكه بالقرار الإستراتيجي للبنان حربًا وسلمًا وكذلك على مستوى الثروات الوطنية والاقتصاد والمال وهذا الأمر يخفي مدى التنسيق الضمني بين إيران والولايات المتحدة في بعض الملفات الإقليمية، فرغم كل الخلافات الظاهرة بدءًا من الملف النووي وصولًا إلى الحرب الأوكرانية وتغلغل النفوذ الإيراني في بعض الدول العربية.
وأوضح زعبي أن هناك مصالح مشتركة كان الترسيم بين لبنان وإسرائيل إحداها، لذلك وافق «حزب الله» على التنازلات التي قدمها لبنان بنصيحة مباشرة بل بقرار مباشر من طهران وسيتضح تباعًا أن هذا الاتفاق يخفي الكثير من المصالح المشتركة الثلاثية، الإيرانية - الإسرائيلية - الأمريكية، وكما يخفي تنازلات خطيرة قدمها لبنان على أرض الواقع وفي عمق المياه وآبار النفط والغاز، وسعى لبنان الرسمي و«حزب الله» بمساندة أمريكية - أوروبية إلى تغطية هذه التنازلات إعلاميًّا ومحاولة تصوير الأمر على أنه انتصار مائي إلهي جديد.
سقوط نظرية
وأضاف الزغبي: أهم ما سيؤدي إليه هذا الاتفاق هو حصول أمرين، الأول المباشر ألا وهو سقوط نظرية الحصار الأمريكي على لبنان، فلقد تبيَّن أن نظرية حزب الله حول هذا الحصار كانت دعائية فقط، فأمريكا هي التي أنقذت بعض الحدود اللبنانية، وفتحت بابًا أمام لبنان لكي يستعيد مع الوقت توازنه المالي والاقتصادي، أما النتيجة غير المباشرة التي ستظهر تباعًا، فهي حالة الاستقرار الذي تحدثت عنها إسرائيل وأمريكا وأوروبا، وسكت عنها لبنان والاستقرار في علم العلاقات الدولية يعني نوعًا من السلام، خاتمًا: هذا نوع من التطبيع الواقع، وهذا يعني أن سلاح «حزب الله» بات مسألة غير ضرورية على مستوى البحر في المرحلة الأولى، ثم لاحقًا على مستوى البر؛ لأن الاستقرار لا يتجزأ وسينسحب عمليا وواقعيا على الجبهة البرية، علمًا بأن هذه الجبهة مستقرة منذ ستة عشر عاما في نوع من جولان جديد في لبنان يضمن أمن إسرائيل واستقرارها وهذا هو الإنجاز الرئيسي الذي بحثت عنه إسرائيل، أي الأمن السياسي من خلال توقيعها المرتقب للاتفاق الجديد.