يوسف الحربي

@yousifalharbi

في كل عام يثبت معرض الرياض الدولي للكتاب أن الثقافة ليست مُجرد إعادة أو تكرار للبرامج، ولا مجرد تنظيم عابر لتظاهرات ذات موعد سنوي، عمل دقيق ومدروس وفِعل متماسك ومتناغم مع كل مسارات التطوير والنهضة والرغبة العامة في تطويع الثقافة، التي تبدأ من الكتاب، وتنتهي إليه بأكثر وعي وإدراك، باعتباره منبع الفكر والإحساس والضوء المنير على عادات وهويات وثقافات استطاعت أن تفتح أبوابًا بين الثقافة الوطنية، والانفتاح على ثقافات العالم، وهو ما عكس أهمية تعاون الفنون من خلال البرنامج الثقافي المقدّم في المعرض.

فقد تحوَّل المعرض من مساحة بيع وشراء كتب إلى فضاء نقاش وحوار وتبادل خبرات في النشر والعرض والنقد والتطلع للمستقبل العام لفكرة الكتاب، والمواكبة الخاصة للكتاب الرقمي، وتطويع التقنيات الجديدة خدمة للكتاب، سواءً في الإصدار أو العرض والنشر والتقديم.

إضافة إلى فتح مجال التعاون بشراكة بقية الفنون التي تمثلت في عروض الموسيقى والفن التشكيلي والمسرح والسينما والفوتوغرافيا كبرمجة شملت كل الفئات والمتابعين، وبالخصوص الأطفال واحتواء طاقاتهم وشغفهم ومواهبهم، حيث اهتمت برمجة المعرض بهم بشكل خاص تشجيعًا على الكتاب والقراءة.

فقد عملت البرمجة الثقافية للمعرض على تطويع كل الفنون والتعاون مع الخبرات الوطنية في برمجة ورش فنية ومعارض تشكيلية، وندوات مختلفة، وعروض مسرحية، وقاعة سينما تعرض أفلامًا مختلفة مع فضاء عرض لمنجزات التراث الوطني، والتي من شأنها إلقاء الضوء على البيئة والانتماء والحرف، والنماذج المختلفة للصناعات اليدوية، والموروث الشعبي، إضافة إلى قسم الطبخ وتفاصيله الثقافية المختلفة، والخط العربي الذي يثبت الخصوصية الحضارية للسعودية.

فالمعرض هذا العام اختار الثقافة بشموليتها المتمازجة بين العرض والتقديم والانفتاح والاستثمار حتى تكون عنوانها في الفعالية والتفاعل؛ ليتحوّل النشاط في المعرض إلى استثمار كامل، وانفتاح متماسك، واستشراف ثقافي جديد وحيوي يلبي كل الأذواق، ويفتح الذائقة على الثقافة الشاملة التي تجمع الأدب والشعر بالفنون؛ ليصبح معرض الرياض الدولي للكتاب متحفًا تنعكس فيه كل الفنون باختلاف مراحلها ونماذجها وإبداعاتها المقروءة والمكتوبة والمسموعة والمرئية.