محمد حمد الصويغ

أفكار وخواطر

يبدو أن تعريف الفلسفة وإن ارتبط بالحكمة لا يزال معلقًا أو هو تعريف يفتقر إلى معنى قاطع، كما جاء في كتاب «الفلسفة والترجمة» لمؤلفه الدكتور طه عبدالرحمن، حيث يقول «إن السؤال ما هي الفلسفة.. سؤال لا ينقطع بجواب، ألا ترى أن المبتدئ الذي يلج المعرفة يلقي هذا السؤال على غيره، فلا يتلقى جوابًا، كما يلقيه الذي تبحَّر في العلم تبحرًا، فلا يحير جوابًا»، وهذا يعني أن الموضوعات الفلسفية لم تعُد علومًا تستقل بذاتها، فهي محل نقد شديد من قِبَل تيارات فكرية معاصرة لا تزال ترى أن مشكلات الفلسفة هي مشكلات زائفة، ولابد من إخضاعها لتحاليل نفسية تسلِّط الضوء على تطور المعرفة، أي أن الفلسفة لم تعُد علمًا قائمًا، بل هي مقترنة بنشاط التفكير الإنساني دون ربطها عضويًّا بأدوات البحث والجدل والمناظرة، فهي أقرب ما تكون إلى مفهوم الحكمة، وأبعد ما تكون عن مفهوم «الشطحات الما ورائية»، إن صحَّ التعبير.

وإزاء ذلك، فإن المعاني الفضفاضة التي اقترنت بالفلسفة، فزجَّت بها في مهاوي التنجيم ودعاوى العقل الفعَّال، أدت إلى إحاطتها بالنقد الموضوعي من جانب، وبجفاء واضح من العلماء من جانب آخر، وإذا ما تمَّ ربطها بالحكمة، فإن وضعها يختلف في هذه الحالة مصداقًا لقول رب العزة والجلال في كتابه الشريف: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الله الخلق)، ومصداقًا لقول خاتم الأنبياء والرسل عليه الصلاة والسلام: «الحِكمة ضالة المسلم ينشدها أنَّى وجدها»، وهذا يعني أن الفلسفة بهذا الربط العقلاني تعني النظر البصري في الخلق، والنظر البصائري في الغيب، أي أن الحكمة في حد ذاتها، كما فسَّرها القدماء، هي أم العلوم؛ لما تشتمل عليه من النظر في علوم الطبيعة، وما وراء الطبيعة، والخطأ الفادح الذي وقع فيه الفلاسفة ادعاؤهم المعرفة الشمولية، ووضع نظريات تجاوزت الإمكانات البشرية.

mhsuwaigh98@hotmail.com