د. شلاش الضبعان

@shlash2020

يقول له بعض زملاء الاستراحة: «أنت متساهل مع زوجتك وأهلها! ما تدري أنهم بذلك يستغلونك وتصبح مع الوقت تابع لهم؟!».

فيتحول إلى أسد هصور على شريكة حياته وأخوال أولاده لكيلا يكون تابعاً كما حذره من لا يملكون العلم ولا يدركون عواقب الأمور.

بعض المديرين يعيش في تشدد وخوف من زملائه، يحول بيئة العمل إلى بيئة محبطة وقاتلة، لماذا؟ كي لا يستغل الموظفون –كما يعتقد- طيبته فيعبثون ويضيعون العمل، وكأنه بتشدده وسوء ظنه قد جعل بيئة العمل هي الأفضل!

أيضاً تعامل بعض المعلمين مع طلابهم، الشك وسوء الظن مقدم على كل ما عداهما!

لهؤلاء جميعاً الذين يكررون بمناسبة وبدون مناسبة «أنا ما يُلعب علي» أورد قصة ذكرها أبو حيان التوحيدي في كتابه البصائر والذخائر، حيث كتب: سخط الخليفة العباسي هارون الرشيد على حميد الطّوسي، فدعا له بالسيف والنّطع، فلما رآه بكى، فقال له: ما يبكيك؟ قال: والله يا أمير المؤمنين ما أفزع من الموت لأنّه لا بدّ لي منه، وإنما بكيت أسفاً على خروجي من الدنيا وأنت ساخطٌ عليّ، فضحك الرشيد وقال: إنّ الكريم إذا خادعته انخدعا.

وقد قال الشاعر الكبير الفرزدق واصفا الكرام:

استمطروا مِن قريش كلَّ مُنْخَدِع

إنَّ الكريم إذا خادعته انخدعا

يجب أن نكون كراماً على الدوام فلا نتعامل بسياسة الدقة المبالغ فيها مع غيرنا، وأن نغلّب حسن الظن ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، لأن الدقة تضر الشخص الدقيق قبل أن تضر غيره، فتجده يعيش في توجس وخوف مبالغ فيه، وقد يخسر المميزين حوله، فلا يوجد مميز يرضى أن يعيش تحت الضغط.

احرص على حسن الظن والتغاضي ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، والقائد الناجح والزوج المميز والمعلم المتميز يستطيع أن يعرف الأشخاص ويكتشف الأخطاء فيكون حكيماً يضع الشيء في موضعه، فيعاقب وقت العقاب وبالقدر المناسب لحجم الخطأ، وبذلك يكسب سلامة قلبه وتفرغه لمهامه وولاء من حوله.

قال ابن عاشور: إظهار الانخِدَاع مع التَّفطُّن للحيلة إذا كانت غير مُضِرَّة فذلك مِن الكرم والحِلْم.

وسمعت قصة لأحد الرواة الشعبيين قال في ختامها: ترى أولاد الحمايل ينخدعون!