سالم اليامي

@salemalyami

البرلمان كمؤسسة تشريعية في الدول الديمقراطية، يقال عادة إن مهامه الرئيسية التقليدية هي سن التشريعات أو مشروعاتها، ومنح الثقة للحكومة، لكنه في الحقيقة أي البرلمان أي برلمان في العالم له خصائص ومهام أخرى تجعل منه رمزا وطنيا وزاوية مهمة في صناعة القرار والاستقلال والسيادة الوطنية، وهذه المؤسسة المهمة في صناعة السياستين الداخلية والخارجية في مختلف بلدان العالم، يطلق عليها أكثر من تسمية، إلا أن الاسم الغالب والأعم هو البرلمان، ويعد البرلمان نظريا في الحياة السياسية الجدار الناري الذي يحمي السيادة والناس والاستقلال، وتاريخياً كان الغزاة والمحتلين يتوجهون للبرلمانات وممثلي ونواب الشعب فيها للحصول على مباركتهم الطوعية أو القسرية على الاحتلال والقبول بوجوده، وأكثر من ذلك منحه الشرعية. البرلمان باختصار هو صوت الناس صوت الشعب أهم أركان الدول، والمدافع عن حقوق الأمة في مواجهة السلطة، وأعضاؤه يفخرون دائماً بأنهم نواب الشعب وممثلوه.

في دولة شرق أوسطية حديثة عهد بالأسلوب والتقاليد الديمقراطية ولديها برلمان أي مجلس تشريعي يمثل الشعب أو يفترض أنه يمثل الشعب ويحمي مصالحه، حدث فيها شيء غريب. الأمر يشبه الحكاية الخيالية، وملخصه أن الدولة صاحبة البرلمان ولنرمز لها بالرمز عين، تعرضت من دولة جارة ولنرمز لها بالرمز ألف للعدوان، هذا العدوان كان بالمدفعية والصواريخ والمسيرات المفخخة، ونتج عن العدوان العسكري قتلى بالعشرات وتدمير للممتلكات، وكل ذلك يعد علاوة على انتهاك السيادة وهو في أبسط صورة إعلان حرب من الدولة ألف، لكن الذي حدث كان شيئا أقرب إلى الخيال، حيث أحيل الأمر أي أمر العدوان ليدرس في برلمان الدولة عين المعتدى عليها، وبعد تأجيل قال نواب الشعب كلمتهم التي تلخصت في نقطتين فقط، النقطة الأولى أن الذي حدث عدوان، وأن هذا العدوان غير مبرر! ولمعالجة الأمر مع الدولة الجارة يحال الأمر برمته إلى جهة دولية تفصل فيه.

هنا كأن البرلمان العتيد يقول إنَّ العدوان القتل وانتهاك السيادة يمكن أن يكون مبرراً ومقبولاً من الدولة المعتدية دولة ألف، ولكن لأن العدوان غير مبرر فلن يكون الرد بقوات وجيش الدولة المعتدى عليها، ولا بتنديد نوابها بالعدوان بل يترك لجهة دولية تفصل فيه حفاظاً على العلاقات المتميزة مع الدولة المعتدية. لو أن أحداً أخبرني بمثل هذه القصة قبل العام 2003م لقلت إنَّه مجنون أو أن الديمقراطية ومؤسساتها أصبحت من مسوغات تحويل البلدان إلى معامل تجارب للآخرين.