عبدالله الغنام

abdullaghannam@

إن قضية التغير المناخي الذي نرى أثره مؤخرا لم يعد من الشبهات ولا الشائعات، ولا هو من المؤامرات، بل هي حقائق علمية، حيث ازداد معدل الحرارة في بعض الدول الأوروبية خلال فصل الصيف الماضي. وهناك ارتفاع في منسوب مياه البحار، بالإضافة إلى الفيضانات الكارثية، وازدياد الحرائق للغابات ومعدلات التلوث في الهواء والماء.

ونقلا عن موقع هيئة الأمم المتحدة: «الأرض الآن أكثر دفئاً بنحو (1.1 درجة مئوية) مما كانت عليه في القرن التاسع عشر. لسنا على المسار الصحيح لتحقيق هدف اتفاقية باريس لمنع درجة الحرارة العالمية من تجاوز (1.5 درجة مئوية) فوق مستويات ما قبل الصناعة. يعتبر هذا الحد الأعلى لتجنب أسوأ التداعيات المحتملة لتغير المناخ».

كل هذه الشواهد الواقعية والحقيقة ليست أهواء، ولا تلاعبا بالمشاعر، ولا فزاعة إعلامية! اليوم أصبحت المسألة واضحة للعيان بأن المناخ يتغير بسببنا نحن البشر، حيث الاستهلاك الجائر وغير الواعي كأننا نعيش على موارد لا تنضب! إن عدم الاهتمام بالطبيعة والبيئة أو بترشيد الطاقة أو بمصادر المياه أو بتلوث الهواء سوف يؤثر حتما على الجيل الحالي والقادم إذا لم نأخذ هذه القضية المهمة على محمل الجد وبلا تهاون!

ويجدر التنويه إلى أنه ليس هناك طرق ملتوية أو مختصرة، ولم يعد ينفع أن نقول: أنا ليس لي شأن بالموضوع، ولا ينفع أن نقول: هذه مشكلة الدول لا الأفراد! أخي القارئ الكريم وأيها الإنسان في كل مكان نحن في مركب واحد، والتغيير المناخي لا يفرق بين لون البشرة ولا المكان الجغرافي ولا الأيديولوجيات بمختلف توجهاتها، فكلنا سوف نتضرر بشكل مباشر أو غير مباشر، فالعالم اليوم مرتبط بعضه ببعض بشكل مخيف ومذهل معا!

ومناسبة الحديث عن هذا الموضوع أن 14 أكتوبر من كل عام يصادف (يوم البيئة العربي). وهذه السنة (2022م) جاء تحت شعار «مواجهة الأزمات والكوارث البيئية». وأما سبب اختيار هذا اليوم، فلأنه يوافق الاجتماع الأول لوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة عام (1986م).

ومن الأفكار التي لابد أن تصبح عادة لدينا تقليل حجم النفايات، أي الاستهلاك بوعي للمنتجات الحيوانية والزراعية، والاهتمام أكثر بالمصادر المتجددة من الطاقة مثل الشمسية والرياح والمياه، وزراعة الأشجار بشكل مستمر وضمن برامج مدروسة، والحرص على اختيار الأجهزة ذات الكفاءة العالية (التي تستخدم أقل طاقة)، الحفاظ على المياه والكهرباء مع ترشيد الاستهلاك، ولا ننسى أهمية إعادة التدوير خصوصا للمواد البلاستيكية والورقية والمعدنية.

ومن الأمور التي لابد أن نهتم لها أيضا إعادة التصنيع والاستفادة من نفايات الهواتف والأجهزة الذكية والكمبيوترات، والتي صار عددها بالمليارات. ويُذكر أن اليابان قامت بمبادرة إعادة تدوير والاستفادة من الأجهزة الإلكترونية الذكية قبل سنوات قليلة بصنع ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية في أحد الألعاب الرياضية الدولية.

ومن المصادفات التي توضح دورنا في التغيير المناخي وتأثيره على البيئة أنه خلال جائحة كورونا (فيروس كوفيد 19) انخفض مستوى التلوث من الانبعاثات الكربونية، وكذلك كان هناك انخفاض في التلوث المائي، وهذا يقودنا إلى موضوع هام في نفس الإطار (الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية) والذي يمكننا السيطرة عليه وتحسينه، ألا وهو مسألة هدر الطعام الذي بلغ 40 مليار ريال سنويا، وذلك بحسب (سبق، 16 أبريل 2022م، نقلا عن الإخبارية في تصريح لمدير برنامج الحد من الهدر الغذائي): «يتصدر قائمة الأطعمة المهدرة الأرز، وتصل نسبته إلى (30%) من قيمة الطعام المهدر، ويليه الدقيق والخبز، وتصل نسبته إلى (25%) من قيمة الطعام المهدر».

خلاصة القول، التغيير المناخي هو بما كسبت أيدينا!