هناء مكي

hana_maki00@

قبل أسبوعين، كدت أن أتعرض لعملية احتيال ونصب مالية، ولطالما كنت أنبه من الحرص والحذر منها، وبالرغم من احاطتي التامة بمثل هذه المواضيع، ولكن وعلى حين غفلة كدت أتعرض لعملية احتيال ونصب بسيطة، إلا أنها كادت تكلفني الكثير. حين تم إرسال رسالة على هاتفي الثاني الذي لا أكاد استخدمه في الاتصالات، كانت كرسائل البنك الذي أتعامل معه، مفادها بأن لديك مشكلة في حسابك (البنكي) ويجب أن تدخلي الوصلة لإعادة وضع رقمك الشخصي بصورة صحيحة، في غفلة مني وشرود دخلت على البرنامج بهاتفي، ووجدته بالفعل معطلا، ويطلب مني أن أكمل العملية حتى أستطيع فتحه، وحين دخلت على الوصلة ووضعت أرقامي وأنا بانتظار الرمز لإتمام العملية فكرت أن هاتفي «الآيفون» سيقوم بتحميل الرمز تلقائيا، إذن لم أنا أنتظره؟ ثم تبادر إلى ذهني أن الرسالة وصلتني على هاتفي «السامسونج» الذي استخدمه للعمل وليس الرئيسي «الآيفون»، هنا يبدو أني رجعت إلى صوابي، حينها انتبهت أن البنك لا يعرف رقم هاتفي هذا، فكيف أمكنهم الإرسال لي عليه؟ وأنا أنتبه للأمر، وردني اتصال على رقمي الرئيسي الذي سجلته في الوصلة من «هندي الجنسية»، يخبرني أنه يعمل في البنك المذكور، ويسألني إن كانت الأرقام التي سجلتها صحيحة، ويطلب مني إكمال العملية. هنا تأكدت أني أقع تحت عملية احتيال حقيقية، فالبنك لا يوظف أجانب للتعامل معنا، ولن يتصل بي من رقمه الشخصي، ولن يطلب مني ذلك أصلا، فقلت له الأرقام خطأ وأغلقت الهاتف، واستمر بالاتصال علي حتى حظرت الرقم، ثم اتصلت بالبنك لإخبارهم بالأمر وفور شرحي لهم ما جرى وعلى الرغم من أني لم أكمل العملية، قامت الموظفة بايقاف حسابي، وكل ما يتعلق به، لانكشاف معلوماتي، وتسبب ذلك لي بتعطيل طبعا، ولكن أحسب أني نجوت بأعجوبة من عملية نصب «غبية»، للظروف المؤاتية تأثير في التعاطي معها وليس للوعي، إذ إنها حدثت على الرغم من الانتباه والحرص والإدراك لها، إذا أين المشكلة؟

لذا، أحببت أن أشارككم هذه لنناقش الأمر بعد مروري بالتجربة شخصيا، الأمر ليس شأنا محليا على الإطلاق، ولا يتعلق بقلة الوعي، ففي دراسة استطلاعية أجرتها شركة كاسبرسكي آب الروسية أظهرت أن 52% من المستخدمين في منطقة الشرق الأوسط، واجهوا محاولات تصيّد عند استخدامهم الخدمات المصرفية عبر الإنترنت أو خدمات المحافظ الرقمية، و49% من المستخدمين مواقع ويب مزيفة، و48% محاولات احتيال عبر الرسائل النصية أو المكالمات الهاتفية.

وأن (87%) من المشاركين فيها هم بالضبط مثل وضعي، هم على وعي بالتهديدات التي قد تواجههم عند لجوئهم إلى طرق الدفع الرقمية، وعلى دراية بهجمات التصيّد المالي ومحاولات الاحتيال عبر الإنترنت، و84% منهم على دراية بالبرمجيات المصرفية الخبيثة، التي تستهدف أجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة وتسرق من الحسابات المصرفية لمستخدميها.

إذن، الأمر لا يحتاج إلى وعي فقط، بل حلول لا تتوقف عند تفعيل الأمن السيبراني بل تعاون إقليمي، وهذا ما سأتحدث عنه.