@SaudAlgosaibi
كل يوم نسمع فيه عن الشراكات المجتمعية، ومما لا شك فيه أنها تفتح آفاقًا واسعة من العمل المشترك لما فيه مصلحة وخدمة العامة.
الشراكات المجتمعية مع الجامعات إن وجدت تجمع العلم مع أصحاب الخبرة من الممارسين والمستثمرين والمبتكرين؛ ليتكامل عنصر البناء وتصحيح المفاهيم أو تطوير الأطروحات العلمية؛ لتأخذ حيزًا من التطبيق.
وأحببت في مقالي هذا ذِكر بعض أمثلتها، وأسباب تأخر جامعاتنا حسب مشاهداتي وانطباعاتي الخاصة.
كلنا نستعمل أداة البحث جوجل من خلال الشبكة العنكبوتية، وجوجل كما أختها فيس بوك هي مشاريع بدأت كحاضنة في الجامعات الأمريكية، وفكرتها كما نشأتها بسيطة. صندوق استثماري يُدار من خبراء مختصين لخدمة أغراض الجامعة وأبحاث لمشاريع طلبة راقت القبول، ومن تحمُّل للمخاطر، فاحتضنتها الجامعة كمشاريع استفاد منها الطالب بأسهم مجانية، كما استفادت منها الجامعات بالطرح للاكتتاب العام أو البيع بعد تأسيس لتلك المشاريع.
وتستفيد الجامعات في الغالب من خبرات القطاع الخاص، مما للقطاع من خبرة فيه تلزمه على الدوام بالابتكار والتطوير والإتيان بالجديد، ومعرفة المناخ الاستثماري وطرقه وأساليبه. كما أن القطاع الخاص هو أساس مناهج الجامعات لمختلف المواد التعليمية الخاصة في إدارة الأعمال. وبدون تلك الشراكة يصبح تعلّم الطلبة من أمثلة وتجربة قاصرًا على مكان إعداد تلك المناهج.
وأغلب التخصصات نشأت من القطاع الخاص، وقد لا يجد مفهوم تأسيسها وتطويرها أستاذ جامعي؛ بسبب عدم الخبرة بمجالات مختلفة من تخصص، وقد شاهدتها بجامعة الملك فهد للبترول، ولعله أسوأ الأمثلة. وكمثال نرى كلية علوم الأرض آخر همِّها استفادة المجتمع مما لديهم من تقنيات وعلوم، ولا يقبلون الشراكات المجتمعية وهي حقيقة. فرغم ضخامة الاستثمارات والإمكانيات الممنوحة لهم يرون دورهم قاصرًا على حدود الجامعة دون أية مساهمة أو نشاط أو خدمة مجتمعية.
ونعتقد من أسبابه أن القائمين عليه لا يرون أن المناهج والوسائل التعليمية هي بأسباب حاجة المجتمع العام لها، ونظرتهم بذلك قاصرة وبشدة.
وفي الجهة المقابلة، نرى الجامعات المحلية في حالة اضطراب من العمل المشترك مع القطاع الخاص أو المتخصصين بالمجالات المختلفة. وأحد الأمثلة أنه قد تستغرق الموافقة على مذكرة تفاهم غير ملزمة مع الجامعات السعودية، ومن عمل تطوعي للقطاع الخاص كمساهمة مجتمعية أكثر من ثلاث سنوات من المراجعة بين جهة وأخرى لأخذ موافقات. وكأحد الأمثلة الأخرى نراهم على نقيضين، فلا يفهم القطاع الخاص مفهوم الكراسي الجامعية؛ لأنه يرى عدم حاجته لها، بينما نراه نهجًا للجامعات. فالقطاع الخاص ينظر لأي مسألة على أنها مشروع له مخاطر ينتهي بمنتج. بينما الجامعات ترى تلك الكراسي تعليمية وبحثية نظرية، فلا يلتقيان بالضرورة، وهي وجهات نظر مختلفة.
ومن أنجح الجامعات عندنا بتطبيق الشراكات المجتمعية جامعة كاوست. فلديها صندوق تنمّي فيه الأبحاث كحاضنة لجعلها منتجات. ورغم أغلب الأطروحات الموضوعة لديهم خارج البيئة السعودية من تطبيق أو سوق أو توجّه إلا أن فكرتها وأساليبها جديدة على بيئتنا. إلا أننا نراهم أيضًا يكررون مثل تلك الغلطة بمثيلاتها من جامعات فلا يُستشار القطاع الخاص مما لديه من تجربة. وقد دعموا منتجات صنعت خارج السعودية تُباع، وعبر المطارات، لها مثيلاتها سعودية خالصة من أسبابه. كما أسسوا شركة لإنتاج الطماطم كمثال على مياه البحر المخلوطة مع الحلوة دون النظر إلى عنصر الكلفة الموازية، ومن توافر قنوات البيع وحجم الأسواق والبيئة التشريعية من أنظمة.
وفي النهاية أختتم بقولي: لكي ننجح لابد للجامعات السعودية من إنشاء شراكة حقيقية مع القطاع الخاص لخدمة قطاع التعليم، وتنويع الاستفادة بعلوم رديفة، بدل أن تكون مقيدة.
ومن تطوير المناهج وتحديثها بالاستفادة من الخبرات المحلية من قطاع الأعمال وتقليص الفجوة الإدارية من روتين.